منذ سنوات كنت في زيارة لإحدى المستشفيات لأن قريبة لي كانت تجري عملية جراحية هناك.
كنا في غرفة واسعة في إنتظار دور كل مريض للذهاب للغرف الخاصة بتجهيزه قبل إجراء العملية الخاصة به.
تجولت بنظري في المكان بلمحة عابرة فوقعت عيني على سيدة شابة تطأطأ رأسها وتنظر في الأرض بلا هدف , كان بجوارها رجل أشيب وسيدة أكبر منها في العمر وطفلة تنادي على الرجل العجوز بـ جدو, ففهمت أن الرجل والمرأة هما والدا السيدة الشابة والطفلة هي إبنتها.
عزوت سر شرود تلك السيدة المحترمة لقرب دخولها غرفة العمليات وهذا بالتأكيد أمر له رهبة ويثير القلق والخوف.
بعدها بفترة ذهبت المرأة لغرفة العمليات, ثم أخبرتني أم قريبتي في أسى بأن تلك السيدة ستجري عملية شفط دهون.
حقيقة تعجب من هذا الأمر فالمرأة ليست بتلك السِمنة التي تجعلها تُقدم على إجراء عملية مثل هذه خاصة وأنه في هذا التوقيت ماتت إحدى المشهورات بسبب جرعة مخدر زائدة أدخلتها في غيوبة في عملية تجميلية تشبه التي ستقم بها.
ولا يبدو عليها أنها من هواة مواكبة الموضة وإجراء عمليات تجميلية, هي سيدة مصرية أصيلة من عوام الشعب.
لتقطع أم قريبتي علي أفكاري قائلة في أسى أشد لقد هددها زوجها بالطلاق إن لم تجر العملية!
- نعم؟!
ونظرت للطفلة الصغيرة مجددًا وهي تلاعب جدها الذي كان القلق واضحًا عليه ومغلوبًا على أمره وشعرت بالأسى والشفقة و بالخجل!
وأين زوجها؟
أين الباشا؟
أين سبع البرمبة؟!
البيه لم يأت لأنه مشغول وعندما تنتهي من العملية عندها يمكنها أن تعود للمنزل!
هكذا؟!
يترك زوجته في هذا الوقت العصيب الذي أدخلها هو فيه بسبب لا مبالاته وأنانيته رغم أنها قد تخرج من تلك العملية الغير مبررة إلى القبر وهي في ريعان شبابها تاركة من ورائها طفلة صغيرة في الغالب ستعاني الأمرين إن بقيت مع هذا الشخص المدعو أباها؟
يتناسى الذكر أن كرشه يتبقى له شِبر وسيمد يده ليسلم علينا ويأمر زوجته بأن تكون فاتنة الفاتنات ورشيقة وبتلعب باليه!
يتجاهل منظر شعره الثائر كـ القط المفزوع ويأمرها بأن تكون هِندامة في نفسها.
الأنكى أن يربط علاقة المودة والرحمة والسكن في بضع كيلوجرامات من الدهون!
أحيانًا تحدث مشاكل بيني وبين زوجتي (وإن كان أغلبها أنا السبب فيها!) شأننا شأن أغلب إن لم يكن كل البيوت, إلا أن هناك حدًا لا نستطيع أن ننزل عنه وخاصة أنا لأنني الرجل وعلى قدر السلطة تكون المسئولية.
هذا الحد يلامس رجولتك ووجودك.
هذا الحد هو الفارق بين أن تكون ذكرًا وأن تكون رجلًا.
هذا الحد هو الذي يجعلك تسقط من نظر زوجتك للأبد لتخبرك فيما بعد وفي أقرب مشكلة بأنك لست رجلًا.
إن لم تقف مع زوجتك وقت الشدة فمتى ستقف؟
إن لم تتباهى زوجتك بحبك و إكرامك لها أمام أهلها في تلك المواقف فمتى؟!
التعليقات