كنت قد أخبرتكم سابقًا في تدوينة ما أنني حصلت على منحة في إحدى جامعات مصر المشهورة، من ضمن الاحتياجات التي توفرها لنا قيادة المنحة هي الإفطار ...

كانوا قد تعاقدوا مع شركة ما تحضر لنا إفطارًا عاديًا عدد من السندويتشات الصغيرة ذات اللانشون والتونة والمربى وخلافه.

في اللحظة التي اعلن لنا فيها عن الافطار أول مرة تفاجأت بأمر بعضنا.

أنت لا تفهمني للآن اعلم، دعني اوضح لك في أول مرة ترى فيها مائدة الإفطار تدرك أن العدد المقدر للطعام يتوافق مع عددنا بالضبط، ببعض الحسابات العقلية تعلم أن أي زيادة تأخذها تعني انتقاص من نصيب زميلك.

لا نص أخلاقي محدد يجبرك على الالتزام بهذا، ولا أحد هنا ليقول لك أنك هكذا تجور على الآخرين بشكل صريح، ولا أحد يستطيع لومك لإنك تريد أن تفطر وجائع.

بعض زملائي فعلَا لم يحصلوا على طعام الإفطار بسبب تجاوز بعضنا للحد الذي من المفترض أن يقف عنده في الأخذ....

بعد هذا الموقف صرت اتساءل، فكرت حتى في كل المشتبهات التي لا تستطيع أن تقول عنها خطأ أخلاقي صريح، لكنها خطأ إنساني واضح!

فكرت في الموقف، هل كل الناس تمتلك هاجس الظلم والعدل والمساواة؟ هل كل الناس تتقبل الحصول على نصف معدة لإنهم لو أكلوا زيادة هناك من سيتضور جوعًا؟ ام أن كلنا نبحث عن أنفسنا وليذهب الباقي للجحيم؟ هل هذا ظلم صريح أم عادي؟ يا ترى لو أدرك الإنسان إنه في يده تقليل نصيب من حوله سيرفض أم يقبل؟ يا ترى كل الناس تمتلك هاجس عدم الظلم قيد أنملة؟ لديهم هاجس تجنب الأماكن التي ليست لهم؟، أن يعطوا كل شخص حقه ضمنيًا حتى وإن حرموا؟

هل من المفترض أن نأخذ احتياجاتنا دون أن نلتفت هل سيتضرر من بعدنا أحد لإن التفكير بالنفس طبيعي؟ أم أن هذه أنانية غير معلنة وصحية في مصدها؟

هل زميلي الذي تجاوز حده أخطأ خطًأ بسيطًا أم أن هذا هو تصرفه في معظم أمور حياته؟ يفضل جوعه على جوع الآخرين؟

وإن كان الأمر أكبر من مجرد طعام، هل يلتفت حقًا للآخرين أم لا يضعهم في حسبانه عامة من الأساس؟

ماذا إن اختلفت أنواع الجوع، هناك الجوع للمال، الجوع للعلاقات، للاجتماعيات، للعواطف وخلافه! كم مريب من الاحتمالات!! ماذا تعتقد أنت؟