السمعة أو reputation، هي أول ما يسأل عنه العميل، وأول ما يريد أن يطمن عليه الشريك، وأول ما يجب ان تبنيه في عالم الأعمال، باختصار هي بطاقة دخولك لهذا العالم أو خروجك منه إلى الأبد.
كيف يتم بناء السمعة؟
تتفق معظم الدراسات التي تم نشرها في مجال الأعمال، أن هناك عناصر متعددة لسمعة الشركة، تلك العناصر يجب ان تتلاءم سويا لتحقق الهدف المنشود والأساسي منها، وهو إقناع العميل وجذبه لشركة عن طريق سمعته الطيبة.
ولكى يتحقق هذا الهدف يجب ان تعمل الشركة على زرع الثقة فيها ككيان اعتباري له أهميته في السوق وله ثقله، فتعمل على :
- التطوير من جودة الإدارة.
- الابتكار المتطور والدائم.
- الحفاظ على جودة السلع / المنتجات / الخدمات
- أن يكون لها دورًا تنمويا في المجتمع قائم على المسؤولية الاجتماعية للشركة.
- التأكد من السلامة المالية لكل المساهمين في الشركة.
- التخطيط لاستثمارات طويلة الأجل.
- استخدام أصول الشركة.
- العمل على جذب المواهب الشابة والعقول العبقرية.
- الاهتمام بإدارة الأفراد وتنمية العمالة بشكل مستمر.
- الاهتمام بجودة وبراعة قسم التسويق
من الصعب بناء السمعة، ولكن من السهل تدميرها.
إذا راع القائمين على إدارة الشركات العناصر السابقة يمكنهم حينها ان يبنوا جسر متين من السمعة الطيبة والثقة بينهم وبين العملاء. ولكن ماذا لو حدثت واقعة سيئة؟ واقعة واحدة أدت إلى تدمير كل هذه الجهود، و تشويه سمعة شركتك التي قمت ببنائها لسنين. فكما قال بنجامين فرانكلين Benjamin Franklin ذات يوم :
"يتطلب الأمر العديد من الأعمال الصالحة لبناء سمعة جيدة ، بينما عمل واحد سيء لفقدانها."
حسنًا، في هذه الحالة، يجب أن تتبع نصائح الخبراء، فكل ما عليك فعله لتتحاشى زيادة المخاطر، وتعمل على تقليل الضرر قدر الإمكان، هو كالتالى:
• أذهب إلى قسم العلاقات العامة قبل قسم الشئون القانونية.
اذا تعرضت شركتك لإحدى الأزمات الكبرى التي تُهدد معها سمعتك في السوق، فيجب عليك أولا أن تذهب لقسم العلاقات العامة، حتى قبل قسم الشئون القانونية، فمنذ أن تنتقل مشكلتك خارج الإطار الداخلي للمبنى، هنا تصبح مشكلة اتصال، ولا يوجد أفضل من قسم العلاقات العامة لحلها. فيجب عليك أن تتشاور معهم في كيفية مخاطبة الجماهير، وكيفية صياغة الخطاب، وكيفية مراسلة وسائل الإعلام، وكيف يتم وضع استراتيجية لتصحيح الصورة. اذا فرغت من كل هذا، يمكنك حينها أن تذهب لقسم الشئون القانونية وتتناقش في الأضرار المالية والجنائية كما شئت.
• كن صادقًا مع الجمهور.
إذا واجهتك أزمة كبرى وتم ثبوت خطأ شركتك فيها، فلا تجادل أو تنكر ذلك، فتعاملك مع الجمهور أنه اقل ذكاء سيزيد من صعوبة الموقف، وخاصة في عصر التواصل الاجتماعي، الذي لا يخفى شيء فيه, لذلك يجب عليك أن تفكر جيدًا فيما ستقوله، وتجلس مع العلاقات العامة وتصيغه بشكل مناسب، وتعد الجمهور بأليات تساعد على منع تكرار هذا الخطأ.
• المصلحة العامة أهم من الربح المالي
الربح المالي مهم طبعًا، وعامل أساسي لقيام أي عمل، ولكن لا تجعل الربح يعميك عن الأضرار التي يمكن أن يحدثها منتجك، فلو لزم الأمر سحب منتجك كامل من السوق من أجل المصلحة العامة، افعلها ولا تتردد.
• ضع استراتيجية ناجحة تساعدك على كسب الجمهور مرة أخرى.
ما أن تعترف بخطئك وتعمل على مواجهته، فأنت بذلك قد تخطيت نصف المسافة، كل ما عليك الآن هو أن تعيد بناء الثقة مرة أخرى، ولن يتم ذلك إلا بوضع استراتيجية جديدة قصيرة وطويلة الأمد، تعمل على معالجة أخطاء الماضي ، وتساعدك في المضي قدمًا.
أمثلة لشركات عالمية تعرضت لأزمات مختلفة واستطاعت النجاة منها.
• فيس بوك face book
تعرضت شركة فيس بوك لعدة أزمات منذ بدء إنشائها، وكانت جميعًا تتعلق حول مبدأ الخصوصية، كان أهمها هو وثائق سنودن Snowden _ مبرمج أمريكي وجندي سابق، عمل في وكالة الاستخبارات المركزية ووكالة الأمن القومي الأمريكية_ والتى كشفت تورط الفيس بوك بمشاركة بيانات مستخدميه مع أجهزة الأمن الأمريكية عام 2013، وأخرها اكتشاف استخدام الفيس بوك بيانات مستخدميه من أجل الأغراض السياسية والتأثير على عملية الانتخابات عام 2018.
كلا من الأزمتين قد أثرت تأثير بالغ على أسهم الفيس بوك في البورصة العالمية، وقد أدت إلى خسارة أكثر من 70 مليار دولار، بالإضافة إلى ظهور مطالب كثيرة بسن قوانين تتحكم في تعامل الفيس بوك مع بيانات مستخدميه، الأمر الذي قد يؤثر على نسبة الإعلانات التي تعتبر العامل الأساسي في قيام المؤسسة واستمرارها.
تعامل مارك زوكربيرج Mark Zuckerberg، المؤسس والمدير التنفيذي لشركة فيس بوك مع كلا الأزمتين بسرعة بالغة، فأصدر اعتذار فورى على حسابه الشخصي على الفيس بوك، مفاده إنه سيقوم بحل المشكلة فورًا، وأن إدارة الفيس بوك ستعمل على إنشاء طرق جديدة للحفاظ على خصوصية مستخدميه بشكل أكبر، وبعدها بفترة قصيرة قام بتحديث أليات الخصوصية على الفيس بوك تنفيذًا لما وعد به، وبالرغم إنه لا زال هناك شك كبير في سياسة الخصوصية الخاصة بالفيس بوك، إلا إنه يعمل على تطبيق خطط قصيرة وطويلة الأمد لحل أزمة الثقة مع مستخدميه وقد نجح بنسبة ليست بضئيلة منها.
• أوبر uber
تعرضت الشركة العالمية uber لأزمة كبرى عندما إنتشرت شكاوى مفادها تعرض العاملين بالشركة للعنصرية والتحرش من قبل الرئيس التنفيذي لشركة، ترافيس كالانيك Travis Kalanick. الأمر الذي أدى إلى ظهور دعوات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي لمقاطعة شركة أوبر وحذف التطبيق الخاص بها. فما كان من المستثمرين إلا بالضغط على الشركة لدفع باستقالة ترافيس من أجل الصالح العام بالرغم من كفاءته و براعته في الإدارة.
• جونسون آند جونسون Johnson & Johnson
تعرضت شركة جونسون آند جونسون العالمية لواحدة من أكبر أزماتها عام 1982، عندما أدى مسكن "تايلينول TYLENOL " إحدى أفضل منتجاتها في السوق إلى وفاة سبع أشخاص، الأمر الذي تسبب بشيوع الذعر حول العالم، والدعوة إلى مقاطعة منتجات الشركة.
تعامل الرئيس التنفيذي لشركة جيمس بروك James Brook باحترافية شديدة مع الأزمة، ففي البداية قام بسحب أكثر من 31 مليون زجاجة تايلينول من الأسواق، معلنًا أن المصلحة الأهم لحياة جمهوره دون حتى انتظار نتائج التحقيقات الرسمية، ثم أعلن استعداد الشركة لخوض جميع التحقيقات الرسمية وجاهزيته لتعاون مع وسائل الأعلام فيما يحتاجونه من معلومات، عمد إلى إشراك وسائل الإعلام بكل الخطوات التي تتخذها الشركة في مسار التحقيق، وجعل من الجمهور شريك أساسي ومطلع للأزمة بكل شفافية، وبعد فترة من الزمن تم إعلان إن الحادثة المأساوية كانت نتيجة لعمل تخريبي متعمد لتأثير على سمعة الشركة، وفى خلال عام استطاعت الشركة العالمية أن تستعيد عافيتها وتعود لصراع السوق مرة أخرى بكل قوة.
التعليقات