اليوم، وكما عادتنا كل يوم سبت، ذهبت برفقة والدتي إلى السوبرماركت لشراء أغراض المنزل للأسبوع القادم. أثناء مرورنا برفوف الكيك الجاهزة، لفتت انتباهي صورة كعكة ورديّة على إحدى المنتجات وعندما دققت مليًّا اكتشفت أنّها تعود لمنتج كعكة جاهزة لا يحتاج إلى أكثر من إضافة الماء ووضعه في الفرن. بالرغم من منظرها الشهي جدًّا ورغبتي بشرائها إلّا أنّ والدتي قاومت وأصرّت أنّها تقوم بأفضل منها و بنفس النكهة. استغربت الأمر إذ أنّ تحضيرها للكعكة بنفسها وما يحتاجه من دقيق وبيض وخميرة والبايكنغ باودر وفروالة وغيرها من المواد مكلف أكثر من الكعكة الجاهزة على صعيد المال والوقت. ثمّ قلت بصمت "الأمّهات... لا أحد يدري ما يدور في بالهنّ من أفكار"!

وهنا تذكّرت حادثة شبيهة في عالم التسويق تعرّفت عليها للمرّة الأولى في الجامعة وهي قصّة كعكة بيتي كرووكر Betty Crooker (إنتاج شركة General Mills') الجاهزة في الخمسينات من القرن العام الماضي. فهذه الكعكة الجاهزة التي لا تحتاج إلى أكثر من الماء والخلط والوضع داخل الفرن شهدت مبيعاتها تدنيّا حادّا بالرغم من مذاقها الرّائع.

السبب؟

بعد تحليل أسباب هذا التدّني، توصّل مدراء الشركة إلى أنّ سبب هذه المشكلة هو شعور الشارين بأنّهم يغشّون عندما يحضّرون منتجًا خلال وقت قياسي بالرغم من أنّه يحتاج عادةً وقتًا أكثر. فما كان من الشركة إلّا أن قرّرت إزالة بودرة البيض من منتجها على أن يقوم الزبائن بكسر البيض ووضعه داخل الخليط. وقد كان لهذا التغيير البسيط أثرًا ضخمًا على مبيعات الشركة. أعرف! إنّه أمر غريب جدًّا كيف يمكن للعامل النفسي أن يؤثّر بهذا الشكل على المبيعاتّ! لذلك ليس المطلوب دائمًا توفير منتج جاهز إذ أنّ تحضيره أحيانًا هو ما يضفي اللذّة له أي أنّ ما يهم هي العمليّة (تحضير الكعكة) أكثر من النتيجة (كعكة فراولة).

ف برأيكم، هل للعوامل النفسيّة هذا الأثر الكبير على مبيعات المنتجات أم أنّ هناك مبالغة في تقدير شركة General Mills' للأمر ؟ وهل جميع المنتجات تتأثّر مبيعاتها بالعوامل النفسيّة أم أنّ هناك منتجات محدّدة فقط؟ وكيف يمكن اكتشاف هذه العوامل النفسيّة؟