السيطرة على سلوك العميل من خلال التسويق العصبي "neuromarketing"

 الآن ما رأيك في هذا التسويق، هل حقًا يؤتي أكله مع كل العملاء؟

وفق ما ذكرت بالمعادلة لابد أن يكون لدراسة المستهلك وسلوكه واهتماماته عبر الوسائل المتاحة مثل الاستبيانات وتحليل البيانات حظ من هذا التسويق، لذا المعادلة من دون هذا الجزء ستكون تسويقا بحتا وقد لا يؤتي أكله فعلا.

نحن البشر نخضع لعدد كبير من التحيزات المنطقية التي لا نهاية لها، وبالتسويق يتم استغلال هذه التحيزات لوقوع المستهلك بحلقة الشراء والتأثر، ولقد تحدثت على العديد منها من خلال مساهماتي ومنها تأثير إيكيا وتأثير العربة وغيرها، لذا من السهل جدا أن يقع الكثير بهذا، إلا الشخص الذي لديه وعي كامل ويتعامل مع فكرة الشراء بموضوعية، ويمكنه الاختيار دون الوقوع تحت تأثير هذه التحيزات.

السؤال المطروح الآن ما رأيك في هذا التسويق، هل حقًا يؤتي أكله مع كل العملاء؟

كل العملاء بشر بجهاز عصبي, نحن نتفاعل مع المحيط من حولنا بحواسنا محدودة القدرات, لا أحد خارج نواميس الطبيعة. قد يمدح الزبون منتجا من المنتجات ويُعدّد لك خصائصه بما يعتقده اختيارا عقلانيا, لكن منتجا آخر بنفس الخصائص أو حتى أفضل كان مرصوصا بمحاذاة المنتج المختار تماما, لم ينتبه له دماغ الزبون "العقلاني" مطلقا, بل قد يتفاجأ هذا الزبون إن أخبرته بذلك وقد يقول لك بأنه لم ير المنتج الآخر بالمرة...جذبه المنتج المختار لأسباب تتعلق بطريقة عمل جهازه العصبي دون حتى أن يدرك ذلك, كلون المُنتج أو احتوائه على صورة ملفتة له أو أن اسم الماركة هو اسم يألفه دماغه يشبه اسم والدة الزبون...

وبالتالي لا أحد يستطيع أن يحدد متى وكيف وقع فريسة الاختيارات غير المتعلق بالخصائص الموضوعية للمنتج, سواء بتسويق عصبي مُتعمّد أم غير مُتعمّد.

من جهة أخرى معرفة بعض الحيل التسويقية قد يقلل احتمال الوقوع فريسة لها, مثلا استراتيجية وضع المنتجات التي يرغب السوبرماركت ببيعها بالوسط, يمكن للمُتسوق الذي يستحضر بذهنه هذه الحقيقة محاولة النظر للمنتجات بأعلى الرف أو أسفل الرف...حيلة أخرى وهي اعتماد الأروقة التي تشبه المتاهات لدفع العملاء لقصد الرواق لمعرفة ما يوجد بنهايته, لأن طبيعة البشر تحب الاستكشاف, فقد يستحضر العميل هذه الحقيقة.

لكن بشكل عام يبقى تأثير إدراك الحيل محدودا, لأننا بشر وليس لنا اليد الطولى على جهازنا العصبي.

صحيح يبدو انه تسويق مثمر وخاصة انه يلامس حواس الانسان، وهو بذلك يشكل حلقة اتصال بين التأثيرات والانسان نفسه (دماغه) للسيطرة على رد الفعل او توجيهه باتجاهات معينة.

ان التسويق العصبي يقيس ويدرس استجابة المستهلكين من خلال مكونات مختلفة ومنها الحسية والمعرفية والعاطفية لمحفزات التسويق.

وتشمل تلك الحملات استراتيجيات تسويقية أكثر كفاءة وفعالية ، وإخفاقات أقل للمنتجات والحملات ، وفي النهاية هناك ملائمة بين االاحتياجات الحقيقية ورغبات الأشخاص لتلائم احتياجات ورغبات اهتمامات التسويق.

بالتأكيد، لكنني أرى أنه يحتاج إلى الكثير من الإمكانيات التقنية على صعيد تحليل البيانات مثلًا. وعليه، فإنني أرى صعوبة بالغة في اتخاذ المنهج نفسه مسلكًا في مشروع صغير بدأت في تدشينه على سبيل المثال. فما رأيك ورأي السادة المستخدمين في كيفية تطبيق التسويق العصبي، أو ما يدعى بالـNeuromarketing على صعيد المشروعات الناشئة والصغيرة؟

أعتقد أنه يؤتي أكله، والدليل هو نحن وكيف أننا نشتري بدافع العاطفة لا العقل ولا المنطق، وخاصة مع الشراء أونلاين فإننا لا ننتظر ولا ثانية مع تأجج المشاعر نقدم على الطلب، وبعد ساعات تذهب تلك المشاعر ونقول أننا لم نكن بحاجة ماسة لهذا المنتج.