يا ملهمي كان لا بد أن أكتب لك هذا الصباح , فاعذرني إذا ما أثقلت عليك بكتاباتي ، فشيء ما بداخلي يحاول أن يسرقك من العالم و يجعلك تعتكف عالمه بل وتكون قواعده وقوانينه ولغته،شيء ما بداخلي معتصم معلن حداد و لن يرتاح أو لنقل لن يستسلم إلا بنبرة من صوتك ,وقلبٌ خافقٌ يحاول النطق باسمك , فتتلعثم الكلماتُ الورديةُ و تتساقطُ حروفها تحت قدميك كأوراق الخريف. 

ها أنا لا زلت في الرف الآخر من العالم ممتطية صهوة جواد الخيبثة القاسية، أشير لك بأصابعي العشر لعلك تراني و ألوح لك بشراع أرجواني لكن يبدو بيني وبينك ضباب كثيف لا أنت تراني و لا أنا قادرة على الظهور، أنا اللامرئية في مرآتك،

هكذا ستبقى الرؤية بيننا منعدمة، و الحصار بيننا يشتد 

و سأبقى كل مساء وصباح أسكن ألمي بالكتابة عنك فما أجمل الكلمات حين تصفك أنت يا لغتي و ياوحي الصدى وكل المعاني بدون معناك عبثية و الأبجدية لغير مدحك سدى ، لن أخفي عنك أنني كلما كتبت عنك أحببتك أكثر و إزداد فرحي و ألمي و إزدادت خيبثي، سأبقى هكذا أضمد روحي بالتفكير بك، و يبقى العالم يهزمني و الملجأ الوحيد هو بين أحضان الثمانية وعشرون حرفا فإني أرى فيها إبتسامتك و ملامحك الباهتة كل تلك الحروف تجتمع لتنفض عني غبار التعب. وتؤنس وحدتي 

 ‏

 ‏قبل قليلٍ أخذتُ جرعتي من أغاني الصباح… 

 ‏فيروزُ ما تزالُ تغني للحبِ و للمطرِ و للنوافذِ المفتوحةِ، كقلبي حين يمرُ خيالك كأسرابِ الدوري فوق صفحاتِ الذكرى ربيعاً محملاً بآلاف الغيماتِ الشاردات. 

 ‏فيروزُ ما تزالُ تغني للحبِ و للوطنِ و للصباحاتِ المشرقةِ…سجينةٌ كلماتها في هذا القرصِ المضغوطِ كأقراصِ ذاكرتي التي تختزنُ بين أعماقها أحلام محترقةً تربطني بك، 

 ‏ 

 ‏أكتبُ إليك في هذا الصباح النقي كعينيكَ البريئتين و أنا أحتسي فنجان قهوتي وحيدة مثلما كنتُ و مثلما سأبقى ,فيتراءى طيفكَ عائماً في اسودادِ القهوة… ضائعاً بينَ حباتِ هيل تطفو على السطحِ , ويلوحُ تارةً مع بخار دلة استنشقهُ بعمقٍ كما يستنشقُ قلبي عبيركَ الشذي ليستمدَ منهُ روح الحياة كلما أحس بالموتِ يحيطُ بهِ. 

 ‏أقلبُ فنجاني رأساً على عقبٍ …أُ ديرهُ شمالاً و يميناً و أتركهُ نائماً فوقَ طبقٍ مزهرٍ كقمرِ صيفي الوجنات…أقلبهُ مرةً أُخرى لوضعهِ الصحيحِ ,وأُطيلُ النظر في خطوطه المتعرجةِ و رسومهِ المليئةِ بالرموزِ و الأسرارِ كنقشٍ آشوري قديم. 

 ‏

 ‏هناكَ في الأعلى شيءٌ دافئٌ يشبهُ اسمكَ …و في الأسفلِ لقاءٌ قريبٌ بين شخصينِ هما أنا و أنتَ

 ‏و على الجوانبِ حمامةٌ تحملُ إلي خبراً سعيداً منكَ…و شكلٌ آخرٌ يشبهُ سماعة هاتفٍ تبشرني باتصالٍ مستحيلٍ لن يكون. 

 ‏هكذا أظلُ كل صباحٍ اقرأُ فنجاني و أتخيلُ مواعيداً لن تحضر إليها و اتصالاتٍ هاتفيةٍ منك لن تكون, ورسائلا معطرةً لن تكتبها ذاتَ يوم. فإنك أبدا لم تكن شاعرا فلو كنت كذالك لما تركتني هكذا بين الحلم و اليقضة لا أنا مستيقضة وواعية بما يدور حولي و لا أنا غارقة في حلم رتيب يجمعني بك،

أسعد الله صباحكم يا أهل حسوب و أهلي أولا ❤️

بقلم : سناء رضواني