الملل، تلك اللحظة الرمادية التي لا يحدث فيها شيء. لا تحفيز، لا أحداث، لا جديد. نشعر فيها بأن الزمن لا يتحرك، وأن أذهاننا عالقة في الفراغ. معظمنا يهرب منه. نغرق في شاشاتنا، نبحث عن أي شيء يملأ هذا السكون المربك. سنظن أن الملل عدو، لكن هو أقرب إلى بوابة خفية... نحو التعلم!
الملل ليس دائمًا حالة سلبية. بل قد يكون إشارة ذهنية تخبرنا أن الوقت قد حان للانتباه إلى الداخل. بحسب دراسة نُشرت في Academy of Management Discoveries، فإن الأشخاص الذين يشعرون بالملل في مهام رتيبة، غالبًا ما يبحثون تلقائيًا عن أنشطة بديلة أكثر جدوى، وغالبًا ما تكون هذه الأنشطة ذات طابع إبداعي أو تأملي.
عندما نملّ، يتوقف العقل عن استقبال المثيرات الخارجية، ويبدأ في التجوّل داخليًا. هذا "الشرود الذهني" الذي نعيبه على أنفسنا أحيانًا، هو بالضبط ما يساعد الدماغ على الربط بين الأفكار، واستحضار الذكريات، وإنتاج مفاهيم جديدة. إنه نمط "التفكير التلقائي" الذي يرتبط في الدراسات بعملية التعلم الطويل الأمد، والإبداع، وحتى حل المشكلات المعقدة.
لحظات الملل التي نحاول الهروب منها قد تكون لحظات ذهبية. في صمتها، تتيح لنا أن نعيد ترتيب ما تعلمناه، أن نسأل أسئلة أعمق، أن نربط بين المفاهيم بدلًا من حفظها. لهذا، يستخدم بعض المدرسين والباحثين الآن استراتيجيات "التباطؤ المقصود" داخل الصفوف، لمنح الطلاب فرصة للغوص في أفكارهم دون ضغط مستمر من المعلومات.
لكن هذا لا يحدث تلقائيًا. الملل بوحده لا يكفي. ما يحوّله إلى محفّز للتعلم هو كيف نستجيب له.
فما رأيكم، كيف نستجيب للملل؟
التعليقات