كان لي صديقٌ متفوقٌ جدًا في كل مراحل الدراسة المدرسية، وختمها بالحصول على مجموعٍ عالٍ جدًا في المرحلة الثانوية، حتى أنه يفوق الحد الأدنى المطلوب للالتحاق بكلية الهندسة. ولكن عندما دخل الكلية صُدِمَ من أمور كثيرة تتعلق بجودة التعليم ومستواه الذي كان يأمله، فأخذ يبحث عن السفر خارجًا، ووجد ضالته في ألمانيا. ولكن لِمَ ألمانيا بالتحديد؟
التخصصية هي الأساس، وليس القطفُ من كل بستان زهرة!
تُسمى السنة الأولى لهندسة، ب'السنة الإعدادية'، وهي ببلدنا تحوي كمًا هائلًا من المواد، وذلك من مختلف التخصصات المختلفة، ولعل هذا الأمر يمكن تبريره بأنه يجب أن يرى ويدرس الطالب في هذه السنة موادًا من كل التخصصات؛ وذلك حتى يحكم حكمًا صائبًا ويختار بعناية تخصصه الذي سيتخصص فيه، ولكن هذا الأمر لا أجد له مسوّغًا فيما تلاها من سنين التخصص؛ حيث يجد الطالب ذاته بين حشو مواد لتخصصات غير تخصصه. أما في ألمانيا، فالأمر على النقيض؛ إذ يحترمون التخصصية بشكل كبير؛ حيث يتم الاقتصار على مواد التخصص فحسب بشكلٍ مُركز؛ يُمكِّن الطالب من التعمُّق في مجاله ويجعله يقف على أرضية صلبة، ولا يُشتت بغيرها من مواد. ومما يؤكد ذلك، أن بعض التخصصات الهندسية في ألمانيا -كالهندسة المدنية- تتطلبُ ثلاث سنين فقط من الدراسة الجامعية، في حين أن في بلدنا جميع التخصصات تتطلب خمس سنين من الدراسة، فهل بزيادة عدد السنين لسنتين، صرنا أعلى من ألمانيا تعليمًا؟ أترك لكم التعليق.
الاهتمام بالجانب العملي والتطبيقي
لكي لا أكون مبالغًا ومهوّلًا ومُنقصًا لقدر التعليم لدينا، فقد سمعتُ من إحدى الأساتذة الجامعيين لدينا، قد حصّل الدكتوراه من إحدى بلاد أوروبا، وجاب كثيرًا من البلدان، قال أننا لا نتأخر في جودة التعليم عن البلاد المتقدمة، بسبب تخلف المناهج لدينا على الإطلاق، فالمناهج النظرية لدينا هي المناهج النظرية لديهم بحذافيرها، ولكنهم سبقونا بسبب الاهتمام بالجانب التطبيقي والعملي، وبما لديهم من إمكاناتٍ هائلةٍ في هذا الجانب لا تتوفر لدينا على الإطلاق، فأنّى نجد الجانب العملي في ظل تُخمةٍ من الطلاب بالجامعات الحكومية، لا تناظرها ولا تكافئها معامل وأجهزة لمثل هذه أعداد؟
سكنٌ متاح
إن ألمانيا قد أهّلت نفسها في مثل هذا الجانب بشكل ممتاز؛ إذ لا يجد الوافدون من كافة أنحاء العالم مشاكل في توفُّر السكن اللائق بطلاب العلم من كل حدب وصوب، حتى أن المنح توفر سكنًا مجانيًا بالكامل للطلاب.
ثقافاتٌ مختلفة
كما ذكرتُ بالنقطة الماضية، فالبلد مُهيّئةٌ لاستقبال الوافدين من جميع الأرجاء، لذلك لا يجد العربي مشكلةً في أن يجد زملاءً وأصدقاءً من الجاليات العربية المنتشرة هنالك.
لهذه الأسباب وأكثر، سافر صديقي بالفعل لألمانيا، تاركًا الجامعة الحكومية، ليبدأ صفحةً جديدةً من التعليم، والتي من المتوقع -بإذن الله- أن تكون صفحةً ناصعة البياض.
ما أبرز الفروقات التي ترون بين التعليم لدينا في بلادنا العربية وبلاد أوروبا غير ما ذُكِر؟
التعليقات