إيمان تحت الرماد: أغبوغبلوشي بين التسمم واليقين
مؤخرًا، شاهدت وثائقيًا مؤلمًا عن منطقة تُدعى أغبوغبلوشي، تقع في قلب العاصمة الغانية أكرا، لكنها أشبه بجحيم أرضي لا يعرف الرحمة. هذه البقعة تُعد من أكثر الأماكن تلوثًا على وجه الكوكب، وتُعرف عالميًا بأنها مكب نفايات إلكترونية، حيث تُلقى مخلفات العصر الرقمي من مختلف أنحاء العالم: حواسيب منهكة، وهواتف معطلة، وأجهزة منزلية تفقد قيمتها هناك لتُستبدل بمآسٍ بشرية.
وسط هذا الخراب الكيميائي والبيئي، حيث الهواء مشبع بالكادميوم والرصاص، والأرض تختنق بالديوكسينات، تعيش فئة من البشر ظروفًا تكاد تكون غير إنسانية. أطفال وشباب – يُعرفون باسم "الفتيان الحارقون" – يعملون لساعات طويلة في حرق البلاستيك المحيط بالكابلات لاستخراج النحاس، يستنشقون خلال ذلك دخانًا أسود كثيفًا يحمل في طياته السم البطيء: السرطان، تلف الأعصاب، والفشل الكلوي. كل هذا مقابل حفنة من المال بالكاد تكفي لشراء وجبة يومهم.
ومع ذلك، وسط هذا الجحيم، ما هزّني فعلاً لم يكن فقط البؤس أو التلوث، بل مشهد التمسك بالإيمان. رغم المعاناة، كان صوت الأذان يتردد بين أكوام الخردة، ومساحات الصلاة تُفرش على تراب ملوث لكن الأرواح فيها نقية. في مكان لا يطاق، وجد الناس ملاذهم في الإسلام، يستمدون منه كرامة خفية، وسكينة تُقاوم العدم.
أغبوغبلوشي لم تكن مجرد مكب نفايات في هذا الوثائقي… كانت مرآة تُعرّي التناقضات الصارخة لعصرنا: تقدمٌ تقني من جهة، وتخلٍّ أخلاقي من جهة أخرى. لكنها أيضًا كانت درسًا في الصمود، والإيمان الذي يضيء حتى في أحلك الزوايا.
📺 رابط الوثائقي:
التعليقات