إنه بالداخل في صدرك ..

هناك من هو صديق إعتدت على وجوده لطالما أخبرته بكل شئ حتى أنك لا تخفي شئ ، و على الصعيد الآخر الذي تُحبه ستفقد قلبك إن فقدته هو الهواء بالنسبه لك

هناك من لا يمكنه الرحيل و من لا يجب أن يرحل ..

هناك من يُغلق الفراغ في صدرك و لكنه لا يناسب ذاك الفراغ لكنه يغلقه علي أي حال

...

و ما أن يرحل كلاهما تفقد كل شئ لا أنت قادر علي المشي و لا حتى الوقوف

.. هناك من يُملك صدرك تلك الغصه كمن يسرق روحك و هناك الذي تشعر بالراحه في تواجده ..

كذلك مُنى تملُك سمير حبيبها و تملُك وائل صديقها ..

و ما أن رحل كلاهُما فقدت منى كل شئ ، منى فتاه فقدت والديها أثر حادث طائره ساندها وائل طوال تِلك الفتره كان لا يذهب لبيته إلا بعد الإطمئنان أن منى غاضت في نومها

و على البر الآخر حبيبها سمير التي بكت في صدره و هدأت على نبضاته ساندها هو الآخر إلى أن..

_ وائل هل تريد الخروج أحتاج للمكوث قليلاً أمام البحر

_و هو كذلك أنتظرك بالأسفل للخروج

_ سأغير ملابسي سريعاً إذاً

لطالما كان البحر ملجأ سريع لمنى للبكاء تأخذ البحر صديق صامت كلا منهما يعرف الآخر كل منهما يفيض في الآخر ذهبا سوياً للبحر و ما أن واجهت منى اول موجه حتي أخذت بالبكاء و الصراخ كالطفل الصغير و كأنها تقول للبحر خذني خذ كل شئ بداخلي أخذت بالصراخ قلبي يا الله قلبي

ظل وائل محدقاً صامت لم يمنع منى من إخراج ما بداخلها لطالما كان يحترم وائل رغبات منى ، ظلت منى تصرخ و تبكي حتى جلست أمام الأمواج من التعب جلس بجانبها وائل محدثاً إياها ..

_ هل ارتحت قليلاً

_(بصوت حنو متهتك) كثيراً شكراً لك وائل أنت تعني الكثير لي حقاً شكراً لك

_ في خدمة سعادتكم في أي وقت

_( بضحكات مصحوبه ببريق عينين من البكاء) أعجبتني الخدمه

_منى هل لي بسؤالك شئ؟!

_تفضل وائل ماذا هناك ! و لو أني أعلم السؤال جيداً دعني اسأله و اجيبك عنه ، لم كل هذا البكاء و الصراخ !!؟ الإجابه سمير غريب إلي حد كبير مؤخراً أشعر بأني ثقيله عليه لم يعد يحادثني كالسابق ، حين أحادثه يتجاهلني أو يرد بألا تفعلين شيئاً في يومك و كأنه لم يعد يردني ، وائل هل أنا شخص سئ؟! لو أنا كذلك أخبرني أنت صديقي ستنصحني عَلي أتغير للأحسن !!

_ ما كل هذا !! منى أنتي فتاه رقيقه هادئه هو بحاجه فقط لبعض المساحه من الممكن زحام العمل أو العائله فقط لستِ مشكله و لن تكوني أبداً ، حسناً.. ألم تجوعي بعد كل هذا البكاء لأني حقاً جائع هيا لنأكل شئ يا سيئه

ظلت منى تسأل نفسها طوال سويعات الشروق من يومها هل هي شخص سئ ؟ هل تضغط علي سمير لذاك الحد ؟ هل يريد سمير الانفصال عنها ؟ و هنا توقفت أسئله منى للحظات

_هل حقاً سيذهب ؟؟؟ و يتركني !!؟

لم تجد منى شيئاً أمامها إلا السجود و البكاء علها غاضت في النوم بعد الصلاه من التعب أو الهدوء المصاحب للفجر لتستيقظ علي صوت رساله من سمير ..

"منى أنتِ فتاه رائعه و لكن لست مؤهل للمزيد في الوقت الحالي إن شاء القدير أن نعقد شيئاً بيننا ففي الغالب ليس بهذا الوقت و من الآن لا تحادثيني و لن أحادثك أنا الأخير اللهم بلغت اللهم فاشهد"..

أخذت منى بضع لحظات صمت و أعادت قراءة الرساله مره بعد مره، قرأتها كقراءة تأبين لروحها ماذا يحدث!؟ سؤال بعد الآخر في صمت ما هذا ؟ ماذا يحدث؟ إلى أن وصلت لإجابه و لم تزيلها من داخلها _أنا سيئه_

ظلت تردد الكلمه ذاتها بداخلها طوال اليوم لم تتحدث مطلقاً يومها و كأن النقاط في الرساله سرقت لسانها .. طرقات الباب

فتحت منى الباب ..

_ منى أنتي حيه ظننت شئ أصابك أنا أطلبك منذ البارحه و لا تردين حتي أني أرسلت العديد من الرسائل

_منى صامته

_منى هل أنتي بخير ؟

نظرت منى لوائل و أخذت في البكاء على صدره دون أن تتفوه بكلمه واحده و لكن عقلها يخبره كل شئ

ظل سمير يربط على ظهرها حتى هدأت و بدأت تفتح فمها و تتحدث

_ افتح هاتفي و انظر على آخر رساله من سمير

_ منى لا تعيريه انتباه إنه هاوي مراهق مازال صغير التفكير تمتعي بحياتك يا منى هيا هيا لنخرج و امسحي تِلك الرساله السخيفه تنهين حياتك بسبب رساله هيا بدلي ملابسك لنخرج لا بملابس البيت هيا و لكن اغسلي وجهك لن اخرج معك بوجه باكِ سيقول الناس نهرها ذلك الشخص (أخذا يضحكا ضحكات خفيفه تخفف حدة الوضع)

ذهبا لمقهى صغير إعتادا التردد له مسبقاً قبل وفاة والدي منى ما أن جلسا لاحتساء فنجان من القهوه حتى سبحت منى في اسئلتها مره أخرى و بنبره من الحده تحدث وائل

_ منى انسي كل شئ عن ذلك الشخص لطالما حذرتك منه على الأقل هناك من يهتم حقاً بِك عليكي الإلتفات له

لم تسمع منى أياً من كلمات وائل كانت اسئلتها بداخل ذاك الفنجان ، ما أن قوبل وائل بالصمت حتى رفع حدة صوته

_ منى أنتي معي!! على الأقل إهتمي لكلامي !!

_ أنا آسفه وائل ماذا تقول ؟

_ حقاً!! من هذا لتشردي لهذا الحد عن نفسك و عن.... عني ؟!! ما هو إلا طفل صغير مراهق لا يعلم شئ عن أفعال الرجال

_ وائل حقاً لا أريد التحدث عن شئ

بصمت وحزن ممزوج بالغضب نظر وائل لمنى

_منى أنتي أختي صديقتي رفيقة دربي و حبيبتي لطالما انتظرت اللحظه المناسبه لتفتحي عيناكِ علي ، كلما رأيتك معه كنت انفجر غيظاً كنتي تنظرين إلي و تضحكين فأهدأ قليلا و مع ذلك لا يهدأ صدري.. و مع ذلك سأنتظر سأعطيكي وقتك يا منى لكن .. لا ترحلي عني

"لا ترحلي عني" تلك كلماتي و لِم يعيش أحدهم في حرب الفقدان مثلي أخذت منى تُفكر ، كلمات وائل تُشبه كلمات منى لسمير و كأن القصه ذاتها تحدث و لكن هذه المره ستكون هيّ الجاني و وائل هو الضحيه المجني عليه ، فوراً انتبهت منى للحديث و هي تقول في ذاتها لا أحد أبداً يستحق العيش في خوف مثلما فعلت أنا لا لن اجعله يقابل ذاك الشعور القاتم

ظلت منى تتحدث مع وائل و أخفت حزنها تماماً عنه و هيّ تعطيه آمال البقاء و السعاده ظلا يوماً بعد يوم في الحديث بالساعات كانت تخفي منى آلالام صدرها عن وائل فهيّ إلى حد ما كانت ابتسامته تشفيها من فقدان سمير

شعرت منى في وقت ما بالضيق من التحدث باستمرار مع وائل و كأنها تريد بعض المساحه للهدوء فأخذت من شرفتها ملجأ تأنس بزهريات النعناع و تركت هاتفها مُغلق ذاك اليوم حتى هَلّ الظلام عليها فدخلت و في نفس الوقت تسمع طرقات الباب المتسارعه كأن مصيبه قد وقعت هرعت للباب لتجد وائل و هو شارد

_ أأنتِ بخير ؟؟ أين هاتفك ظللت طوال النهار اطلبك و لكنه مُغلق ظننت أنكِ ..(و صمت قليلاً و في داخله سيناريو عن سفرها و سيناريو عن انتحارها و سيناريو عن رجوع سمير مره اخرى و لكنه سرعان ما هز رأسه منفراً لتلك الفكره )

_أني ماذا احتجت فقط لبعض الهدوء يا وائل ليس إلا

_منى هل تريدين الانفصال عني ، لا تقلقي سأرحل بهدوء لو طلبتي ذلك

_وائل لماذا تقول ذلك لا لا أنا فقط احتجت لبعض الهدوء ليس إلا و أنت تعرفني لا اتخلى عن اصدقائي ابدا مهما مرت السنين و انا غبت يوم واحد فقط بالتأكيد كُنت سأُحادثك آخر الليل

هدأ وائل من خوفه قليلاً و لكنه ظل يدور حول العديد من الأسئله ترك منى يومين لعلها حقاً تريد بعض الهدوء و الغريب أنها لم تُحادثه قط ، حتى أرسلت منى له برساله

"أين أنت يا وائل اختفيت فجأه باشرني بأخبارك اتمني ان تكون بخير .."

وائل ظَل خائفاً من القادم علي الرغم من الرساله و لكن لهفته على منى لم تمنعه من الاتصال بها

_ أهلاً أهلاً ماذا تفعلين الآن

_ لا شئ احادثك فقط

_ انا محظوظ إذا بذلك الفراغ ألا تريدين فنجان من القهوه ؟

_ حسناً قابلني هناك بعد ١٥ دقيقه

_ أنا هناك بالفعل

في قرارة نفس منى كانت عازمه على الانفصال من وائل نهائياً و لكن تفكيرها في حق الصداقه و وقع انها ستكون الجاني أخذ يتردد علي ذهنها ذهابا و إيابا و مع ذلك لم يذهب قرار الرحيل عن ذهنها حتى وصلت للمقهى حيث وجدته و بلهفه استقبلها

_ اين كنتي يا منى هانم انتظرتك كثيراً

_(بضحكه بسيطه تخلو من البراءه) لم أتأخر يا وائل كما قلت ١٥ دقيقه انظر لساعتك

_ (أحَس وائل بثِقَل ردود منى ) حسناً لا يُهم أنتي هنا الآن

_ وائل هناك شئ أُريد أن اخبرك به ( و هيّ بين اخباره و عدم اخباره بقرارها)

_( نظر وائل بخوف و قلق و ضربات قلبه علي وشك خلع صدره من مكانه) بالطبع اخبريني و لكن قبلها ارجوك ليس الآن ما في تفكيرك

_ ( و كأنه أحس بما ستقوله مني و لكن لم يمنعها ذلك من التحدث) وائل نحن نعرف بعضنا قباله الاربع سنوات و هي مده طويله لم احظى بصديق مثلك قط و اعرف انني لن احظى اسمعني فقط بدون نقاش او حزن انا بحاجه لبعض الوقت و سنحادث بعضنا كالمعتاد و لكن اقل لا استطيع محادثتك يومياً احتاج لبعض اليوم لا انت حِكر و لا انا كذلك

فقط تَفَهَم ارجوك ما اقول

_ (اخذ وائل نفس عميق ) حسناً و انا ساحترم قرارك و لكن ارجوك وقتما احادثك بادليني بالرد فقط

_ بالطبع سأفعل

غاب وائل اسبوعين و كذلك منى التي احست بشئ من الراحه علي الرغم أنها كانت تجد الملجأ فيه من كل شئ أكتر حتى من البحر لكن غيبته أثارت بها شيئاً غريباً ، و كأنها ارادته و لم ترده.. كانت تكبح تِلك المشاعر لربما لإيذاء نفسها أو لإبعاد وائل بهدوء و إعطائه درس الإعتماد علي النفس

مرت الأيام و الأسابيع حتى الشهور مع مرور كل يوم كانت تتذكر منى وائل و لكن سرعان ما تُفيق نفسها ثم تبدأ في مقارنة سمير بوائل و كيف إهتم كلا منهما بها كيف لوائل أن يكون مصحوب بحنان و اهتمام و سمير مصحوب بفخر و حب الاعتزاز بالنفس

و كأنها تُقارن بين نرسيس و إيكو حورية البحر ، كلاً يمتلك شخصيه مختلفه تماماً أصمتت منى كل تِلك الأصوات و أرخت اصابعها علي هاتفها لتطلب أحدهم بدأت منى بسمير الذي بادلها باشمئزاز من المكالمه شعرت كالسجين تَستُل الرحمه منه كانت تسحب الكلمات منه حتى أغلق المكالمه و كأنه سحب لسانها و روحها شعرت منى بالإهانه و الحزن

تركت الهاتف من يدها لتجد الهاتف يرن ولكن هذه ليست نغمة سمير ، تركت garou يخبرها et avancer encore en pas ، يشعر بِها وائل و علي الرغم من ذلك هيّ تُريد الإبتعاد ، صمت الهاتف و لكن عاد جارو مره أخرى لإخبارها بصعوبة الإبتعاد هذه المره أمسكت الهاتف لترد علي وائل..

_ أهلا منى افتقدتك..

_ اه أهلا سمي... وائل عذراً

_ علي الإطلاق أردت إخبارك عن سلوى و كم لطيفه هيّ

_ تعرفت علي فتاه !!؟ ظننت أن!!! آسفه مبارك لك يا وائل علها تكون شريكة حياتك الصالحه ،و تعوضك عن..

_ عنك لا لا تقلقي هيّ حقاً شخصيه عطوفه تهتم بكل من حولها أريدك أن تقابليها في أقرب فرصه

_ إن شاء القدير

في يوم واحد تفقد منى كل شئ مره أخرى أحست أن العالم ضدها ما بين حبيب تحول لوحش و صديق تخلى عنها في أقرب فرصه

أخذت تُفكر في كلمات سمير أنها سيئه ظلت تُفكر و تنظر حولها كانت الكلمات علي جدران البيت في حوض الأسماك على كتيبات نبيل فاروق في صور البيت في كل مكان كانت تنظر فيه تجد "أنتي سيئه"

أقنعت نفسها أنها سيئه حتى أخذت قرار التخلص من حياتها ، لم تعد تملك شئ الآن لا أهل و لا حبيب و لا صديق

لا تملك شيئاً لتخسره أخذت ورقه و قلم و زجاجه مياه و همت للبحر ، كتبت كل شئ في الورقه

"أتيت للدنيا في عائله مُحبه اهتموا بي حق الإهتمام جعلوني أميرتهم حتى رحلوا .. رحلوا للأبد ، وجدت نفسي وحيده ما عوض فقدانهم كان سمير من ظننته حبيبي و تحول لقاتلي سمير كنت هوائي كنت يومي رحل هو الآخر .. وجدت نفسي في قوقعة وائل صديق عمري آذيته .. كثيراً.. ليتني أحتفظت بك يا وائل.. لكنه رحل رحل مع فتاه أخرى و أنا السبب ..

انا استحق العقاب انا سيئه استحق الموت انا اسفه يا وائل و اسفه يا نفسي لو كُنت أملك من الماضي لحظه لاغتنمتها بأشد قوتي ، عاقبني يا الله و لكن الرأفه بحالي انا وحيده يا الله وحيده...." قذفت بها إلى البحر و هيّ ورائها ..

.

.

.

لتستيقظ منى علي صوت نقر الباب في دهشه إنه وائل ..

_ ماذا يحدث!!؟ لماذا أنام علي الأرض!!؟

كان نقر الباب يعلو بخطوات متعرجه وصلت منى للباب لتفتح و تجد وائل مندهشاً من حالها ..

_ هل نِمت من البكاء أم من نسمات هواء الفجر ؟

(نامت منى بعد صلاة الفجر من البكاء علي رسالة سمير)

أخذت منى تبكي بشده و هي تقول لوائل انا آسفه انا آسفه

_ اهدائي اهدائي منى ماذا يحدث آسفه على ماذا!!؟

_انا آسفه لأني تركتك انت خير الصديق ارجوك لا ترحل

_ من اوحى لكِ برحيلي بالطبع لن ارحل الآن اتمتع بسبع ارواح و هيا لنأكل شئ انا جائع

_لا سنأكل هنا لن نخرج

_ لم أقل لكِ شئ بالفعل اريد عجه ريفيه من يدك

يعطيك الله فرصه ثانيه ليختبرك لا لتلهو بها اغتنم وقتك و فرصك هيّ واحده حياتك خير و شر حياتك سمير ووائل