يقول الله سبحانه و تعالى في كتابه المحكم في سورة نوح:

[فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ]

من منا لم يمر على هاته الأيات العظيمة عند قراءتنا القرآن الكريم مرات عديدة إن لم تكن آلاف المرات,فهل يا ترى نستشعر معانيها الحقيقية؟

فعند قراءتنا نظن للوهلة الأولى أنها سوى خطاب لسيدنا نوح إلى قومه, وأنها عبارة عن نصيحة يهديها إليهم تنجيهم من شقاء الدنيا, لكنها في طياتها تحمل لقارئ القرآن الكريم مفتاحا من مفاتيح كنوز الدنيا والآخرة و التي تجعل الإنسان يعيش حياة سعيدة و يخرج من ظلمات أفكاره التي تضيق حياته إلى نور, نور الأمل و التفاؤل.

بالرجوع إلى الآيات الكريمة , قال نوح عليه السلام لقومه:*فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا*; أي أن بالإستغفار الدائم يرسل إليكم ربكم مطرا متتابعا و كثير الدرور أي غزيرا, فيكثر الخير و الخصب, الغلال و الثمار و يعم الرخاء و الإطمئنان و السعادة و الإستقرار, فتروى الشعاب و الوهاد و تحيى البلاد و العباد. لكن الآيات لم تنتهي هاهنا , بل إن باب خير و بركة الإستغفار لم يفتح فقط جهة غيث السماء لكنه فتح أيضا باب زينة الحياة الدنيا , فالمال و البنون من أولى مطالب الإنسان في حياته , و قوله تعالى: *ويمددكم بأموال وبنين* يبين أن الإستغفار يكثر من الأموال التي تدركون بها ما تطلبون من الدنيا و الامر منطبق على الأولاد و الذرية فاستعمال واو العطف هنا لم يكن عبثا بل لتكون الآية تابعة لما قبلها , فالآية واضحة و ضوح الشمس على أنها تحمل كنزا أو الطريق للوصول لهذا الكنز العظيم و الذي لا يعلمه إلا متدبر القرآن. وما يؤكد هذا تتمة الآية الكريمة *ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا*, أي بالإستغفار يجعل لنا الله سبحانه في الدارين جنات و بساتين عظيمة , وهذا أبلغ مايكون من لذات الدنيا و مطالبها.

إن هاته الآيات العظيمة أظهرت لنا بعض فوائد الإستغفار الدنيوية والتي لا تعد و لا تحصى ,فبالإضافة إليها لا ننسى الفائدة العظيمة , و التي ذكرت في مستهل الآية *فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا* , و هي مغفرة الله سبحانه , و الحصول على محبته , و التقرب منه,و محو الذنوب , وهي المرتبة الرائعة و العظيمة التي يسعى إليها كل مسلم و مسلمة .

أستغفر الله العظيم و أتوب إليه هي كلمات في منتهى البساطة, لكن أجرها و ثوابها عظيمين و منافعها أعظم.

فقد فاز وأفلح من جعل الإستغفار عادة يومية له , فتخيل نفسك يوم القيامة وكل ذنوبك التي أثقلت كاهلك قد محيت بسبب دقائق من الإستغفار في حياتك الدنيا. فلنجعل الإستغفار عادة.