ولكل يوم عادة بحياة (لين) منها ذهابها للعمل، وجلوسها مع الأهل تودهم وتبر والديها، تري أمور المنزل وتُعيل المهام عن والدتها ولو قليل، وتنظم على روتين تفعله في يومها، منها هذه التفاصيل، وصلاتها، وري زهورها، قراءة كتاب، سماع موشحات أندلسية، زيارة أماكن تحبها، تتفقد متابعينها.

هذا اليوم عادت من العمل على غير العادة ألقت التحية، ودلفت بإنهاك، ومشاعر ثائرة متضاربة، إلي غرفتها تفرغ بها كل ما كتمته.

عودة للماضي( في مقر عمل لين):

كانت (لين) تؤدي عملها، وتسير ذهابًا وإيابًا من مكتبها نحو غرفة الإجتماعات، فلدي الشركة تعاقدًا مهمًا للغاية مع شركة آخري، والجميع في حالة ضغط، وتوتر، بسبب تنبيهات مديرها بإتمام كافة الأمور على أكمل وجه، فإنه لن يسمح بأي خطأ، ولم يتهاون مع المخطئ.

نظرت إلي ساعتها في ضجر من مرور الوقت بسرعة هائلة كالبرق، وكأنه يتحداها، ويصر على وضعها في مأزق في مكينة التصوير لم تنجز ما هو مطلوب في الوقت المناسب لحاجتها لتغير الحبر، لتتأفف (لين) بخنق أصابها بضيق، لتتنتهي مهامها سريعًا وتهرول نحو غرفة الإجتماع المرهونة، وبيديها نسخ ستوزع على الأعضاء الحاضرين التي تعد واحدة منهم، لتلعن أمانتها التي تسببت لها بهذه المعضلة الراجعة لإختيار المدير لها لتؤتمن على الأوراق.

دخلت سريعًا وأنفاسها متسارعة تحاول أن تهدأ ذاتها، وتسلم النسخ لزميلها وتذهب لتجلس على كرسيها براحة فالإجتماع لم يبدأ بعد.

ومن ثم رفعت عينيها لتتعلق بباب الغرفة وتتراقب دخول الشخص المتبقي للحضور من الشركة الأخري مثل الجميع، وهنا أتسعت عيناها من وجوده.

تسائلت قائلة:

ألم يسافر ليلاحق أحلامه خارجًا لما عاد إذن؟

أعاد حقًا وتواجد في حياتي مرة أخرى؟

لتتدارك نفسها وتسيطر على عواطفها، وملامح وجهها، وتتظاهر أن كل شئ عادي، ولكن لا يخفي علي فؤادها شعورها، ولا عليه، ليطالعها وقتما وقعت أنظاره عليها، لتصب بتركيزها علي الأوراق المتواجدة أمامها متجاهلة عمدًا النظر إليه.

لتوقع الشركتان عقد الإجتماع وهي تتجاهل وجوده كما فعل هو تمامًا بادلها صمتًا عقابيًا كانت هي أحق به منه، فمن وجهة نظرها يعد الصمت هو أفضل من حديث يتشاركانه بلا فائدة من التفاهم،فالعتاب المباشر أحيانًا لا يفيد مع شخص يستقوي، ولا يتغير.

وتخرج بعدها من الشركة بأكملها بعدما أخذت حقيبتها في طريق خروجها من الشركة، وتعود لمنزلها برفيق رحلاتها.

إنتهاء عودة الماضي.

رمت بحقيبتها على الأرض مرتمية على سريرها، وشهقاتها في تعلي، وتزداد أكثر فأكثر، والدموع تملأ ملامحها التي أحبها كما أباح يومًا.

لتتمت (لما تحب أن يسيل عليها دمعي إذا؟)

لتضحك بسخرية على سؤالها لشخص لا يجيب عليها يتخذ الصمت حلاً، لتقرر هي إتباع طريقته، ليثير ذلك جنونه، ويهجرها حتي أصابهما لوعة، وحنين، وفقد.

ورغم هذا ثبت كل منهما على عناده، وكبره.

لتفتح هاتفها بطريقة جنونية وتفرغ لمتابعينها ما تشعره به من أضرار الصمت هذا.

لتشاركهم بقولها:

(الصمت سلبياته كثيرة،يترك أثار آلم عاطفية للشريكين،وله أضرار نفسية،ويزيد من الخلافات،ويوسع الفجوة بينهما،مما يبعد أي طرق للتواصل،الذي يوصلهما لحل ينقذ علاقة حب من إنتهائها،فالرفض في الدخول في حديث يوضح كافة الأمور،المشاعر وتفهمها،يعد من أساليب الإبتزاز العاطفي،الذي يحاول أحد الطرفين السيطرة به على العلاقة،وسلوك كهذا غير صحي لأي علاقة كانت، أحيانًا يكن علاجًا وأحيانًا سم قاتل،يميت العلاقة ببطئ أو قوة تفاعل السم بها،فالصمت دليل على إنتهاء علاقة،وإن كان السبب بسيطًا لأن العلاقة الصحية السليمة، أساسها المشاركة شخصان يتشاركان التفاصيل والأحاديث ووجهات النظر التي تؤدي إلى التفهم وتقوية العلاقات، الصمت سكين يذبح ما تبقي من أوردة في علاقة عاطفية جميلة.)

(إن لم نجد الدفء في علاقاتنا لأن ذلك الدفء يمنحنا المساحة الآمنة لأفراغ وخروج ما نشعر به،فسنصرخ مستنجدين للمساعدة،ونسير نبحث عمن نخبره همنا،فكل منا يحتاج إلى من يستمعه،ويشرح شخصيته،وما يحب،وما يفرحه وغيرها..،والمرء يختلف بطريقة تعبيره إلا أنه من الضروري توضيح كافة الأمور)

(أخيرًا طول فترة الصمت هي التي تحدد إنتهاء العلاقة،بأعتبار أن كلا الطرفين لا يعترفا بخطأهما،و يلزمان الصمت،ويراقب ردة فعل ترضيه ويطمح بها،وكذلك الطرف الآخر،فتطول فترة الخلافات،وتكبر التراكمات ولا يتذكران إلا أن هناك شعورًا سلبيًا وحاجزًا نفسي بينه وبين الآخر)

#الصمت_العقابي

#حكايات_نمنم_لـ30_يوم_غير_كل_يوم

#منة_محجوب

#خواطر #شعر #خربشات #قصائد #كتابات #أدبيات