مرحسوب

شاهدت قبل أيام التحفة الفنية "المحبوب فينسنت" أو "loving vincent" والذي يعتبر أول فلم في العالم تم رسم جميع لقطات أو إطارات الفيلم Frames بصور زيتية بنفس أسلوب رسم الفنان فان غوخ من قبل أكثر من 100 فنان مانتج عنه 65 ألف إطار أو صورة يتم تجمعها لتشكل الفلم كاملا .

حيث عمل الفريق لخمس سنوات على رسم كل لقطة في الفيلم الذي تتجاوز مدّته 95 دقيقة، حيث تحتاج كل ثانية واحدة منه إلى 12 لقطة رُسِمت باليد لكي يتكوّن فيلمٌ متحركٌ. كما إن رسم لوحة واحدة قد استغرق من كل فنّان وقتًا يتراوح من ساعتين إلى يومين كاملين، مما يعني أن كل رسّام قد قضى شهرًا لإنتاج ثانية واحدة من الفيلم.

في انتظار صدور الفلم الوثائقي The Impossible Dream والذي يحكي عملية انتاج الفلم .

أعجبتني القصة المأساوية كثيرا وكيف أن الكثير لا يعلم حقيقة القصة الغامضة لموت فينسنت فقيرا معدما مطاردا كالمجنون في الشوارع من قبل الأطفال قبل يسطع نجمه بعد انتحاره وتباع لوحاته بالملايين بعد أن بيعت له لوحة واحدة فقط وهو على قيد الحياة ، بحثت حول الشخصية أكثر فوجدت هذه الرسالة المسجلة بهذا الصوت الرائع لخالد عبد العزيز والذي كان ينسب أنها آخر رسالة لفينسنت

لكن لعمق معانيها أردت التقصي عنها والبحث عن النسخة الأصلية بالانجليزية فوجدت أنها أصلا بالعربية لأديب يدعى نبيل صالح وقد علق الأديب على الرسالة- التي كانت من تأليفه بعد ترجمة 65 رسالة أصلية لفان غوخ أي أن الرسالة رقم 66 كانت للمترجم نفسه -فكتب :

” فوجئت مؤخراً بإنتشار نص لي كنت قد نشرته في جريدة تشرين في 22/8/1990 بعنوان "فان غوغ يكتب رسالته الأخيرة" حيث تناقله مئات الناس على صفحات التواصل والمنتديات والإذاعات وكتب عنه نقاد مختصون في الصحافة المصرية والمغربية والأردنية والخليجية .. كما سجله العشرات بصوتهم على اليوتيوب تحت عنوان "رسالة انتحار" أو "الرسالة الأخيرة" معتقدين أن فان غوغ هو كاتب الرسالة رقم 66 وأنها وجدت في جيبه بعد انتحاره في تموز 1890 أي قبل مئة عام من كتابتي لها.. والواقع أني عشت حالة من الخيبة بعدما نشرته في "تشرين" ثم أثبته في نهاية كتابي "شغب" لعدم تفاعل أي من الفنانين السوريين مع هذا النص الأدبي الذي هو بمثابة دراسة في اللون الليلكي وعلاقته بالموت والحياة ، مع تأويل جديد لانتحار فان غوغ وقطعه لأذنه قبل ذلك ، وعمق رؤيته التي تفسر البعد النفسي للوحاته الشهيرة .. وقد أدت خيبتي هذه إلى توقفي عن كتابة النقد الفني لأعمال فناني الحداثة في سورية ، بل إني قلت لنفسي مواسيا إنهم مجرد ملونين أميين .. وبالعودة إلى النص أذكر أني كنت وقتها متأثراً بالفلسفة الوجودية وقد كتبته بعد تأمل استمر أربعين يوماً لخط الأفق لحظة بزوغ الفجر ، كنت أعمل وقتها حارساً ليلياً لمشروع بناء جديد لصالة مطار دمشق الدولي ، والتي تقع على تخوم ريف دمشق الممتدة نحو البادية ، في أوائل ثمانينات القرن الماضي .. راقبت أيامها تدرجات الليلكي على خط الأفق ، متقمصاً شخصية فان غوغ ومتخيلاً رسالته الأخيرة إلى أخيه ثيو التي يشرح له فيها سبب إقدامه على إنهاء حياته . “