مقدمة سريعة: لماذا لا ألعب ولا أشاهد الأفلام مع أني أحب الاثنين؟
أنا رجل في منتصف الثلاثينيات من العمر، أحب الألعاب الإلكترونية لكني حتى في مراهقتي لم أكن أمارسها كثيرا لأني أراها مضيعة للوقت، وكذلك أحب مشاهدة الأفلام المميزة لكني لا أشاهدها للسبب ذاته.
في مراهقتي ربما كنت ألعب مرة واحدة كل شهرين أو ثلاثة، وأحيانا تمر السنة والسنتين دون أن ألعب ثم فجأة ألعب يوميا لمدة نصف ساعة لشهر واحد فقط ثم أنقطع مجددا لسنة وسنتين وهكذا.
عدد الأفلام التي شاهدتها في حياتي كلها قليل جدا وآخر فيلم شاهدته ربما قبل سنة أو تسعة أشهر.
تعدد المهام الجاد المركز غير ممكن
المالتيتاسكنغ أو تعدد المهام الذي يحتاج تركيزا هو أمر لا يمكن للإنسان القيام به وإن اعتقد البعض ذلك.
فمثلا إذا كنت تتعلم قيادة السيارة فلا يمكنك أن تقوم في الوقت نفسه بالاستماع إلى كتاب صوتي أو كورس في لغة ما.
لكن بالمقابل، إذا كنت قد تعلمت القيادة منذ زمن وأنت الآن تقود بشكل عادي، فيمكنك حينها القيادة وفي الوقت نفسه تستمع لمحاضرة أو كورس ما، لأن القيادة الآن أصبحت عملية آلية لا تحتاج لتفكير من قبل System 2 في الدماغ وإنما يتولى System 1 القيام بها (من لا يفهم عما أتحدث فليراجع كتاب Thinking Fast and Slow أو يقرأ إحدى ملخصاته على النت).
لماذا أجّلت الاستماع إلى مئات المحاضرات والكتب الصوتية ثم استطعت سماعها كلها في أقل من شهر؟
هناك الكثير من المواد سواء محاضرات أو دروس أو كورسات صوتية كنت أرغب في الاستماع لها لكن لم أفعل وأجّلت ذلك بسبب طولها أو خشية من أن يصيبني الملل في منتصفها فيذهب وقت استماعي لها سدى أو لأني ببساطة شديدة لا أريد الاستماع لها بشكل سلبي passive وأنا ساكن صامت لا أفعل شيئاً.
بعد سنوات من الانقطاع عن الألعاب، اشتريت هاتفا ذكيا طوله مثل طول بطاقات الأعمال أو الكريدت كاردز وعرضه أقل منها بقليل، ويستطيع تشغيل ألعاب مثل Beach Buggy Race بكل سلاسة وكفاءة.
عندما اكتشفت هذه اللعبة أدمنتها، لكن الأهم من هذا كله أنني اكتشفت أنني أصبحت ألعبها بشكل آلي كقيادة السيارة وأستطيع في الوقت نفسه الاستماع إلى أي برنامج تلفزيوني أو محاضرة صوتية أو كتاب مقروء ... الخ أثناء ممارسة هذه اللعبة.
والأجمل أنني لاحظت أنني أركز أكثر في المادة المسموعة (مثل أولئك الذين يحركون أقلامهم أو يلعبون بالـ Fidget للتركيز أثناء الاستماع إلى الأستاذ أو المحاضر) والأغرب من هذا أنني لاحظت حتى بعد أيام أنني عندما ألعب مرحلة معينة أو أمر بمكان ما في اللعبة وكنت قد أستمعت فيه قبل أيام إلى جزئية معينة من محاضرة ولفتت انتباهي، فإن مروري على ذلك المكان يذكرني بتلك الجزئية ويجعلني أستعيدها!
هل تشعر أنك تضيع الوقت عندما تشاهد أشياء تافهة مثل المسلسلات العاطفية الطويلة أو برامج المقالب ... الخ؟
يمكنك الآن بخطوة واحدة أن تجعل هذا الوقت الذي تضيعه مفيداً إلى حد ما!
الخطوة ببساطة شديدة: لا تشاهد أي شيء تافه باللغة العربية!
مهما كان الشيء الذي تشاهده في قمة التفاهة وإضاعة الوقت، إلا أنك إذا كنت تشاهده بلغة أجنبية تفهمها ولا زلت تتعلمها، فسوف تتعلم شيئاً من تلك اللغة بشرط أن يكون المحتوى فيه كلام في مستوى فهمك أو أعلى منه بقليل، فمشاهدة شارع سمسم مثلا باللغة الألمانية لن يفيدك إذا كنت الآن في مستوى متوسط وتستطيع قراءة الجرائد، لكنه سيفيدك بكل تأكيد إن كنت لا تزال مبتدئاً أو تفكر الآن في البدء في تعلم الألمانية.