في البداية قدم المحاضر نفسه بأنه دكتور التنمية البشرية والبرمجة اللغوية العصبية المعتمد من جامعة أكسفورد وكامبريدج، كما أنه حصل على جائزة أفضل مدرب للميتافيزيقا العصبية من GCIOHH.

ثم أخذت القاعة تضج بأقواله الحماسية المبنية على علمه وتجربته الشخصية الفريدة، ثم أخذ يطلب من الحاضرين أن يطبقوا بعض نظرياته العلمية الحديثة .. "خذ نفسًا عميقًا" .. وردد ورائي بصوت عال "لازم أنجح".

في الحقيقة ثاورتني الشكوك فأخذت أبحث عن علم التنمية البشرية وعلم البرمجة اللغوية العصبية والميتافيزيقا العصبية وغيرها، وتوصلت للنتائج التالية:

  • أكسفورد وكامبريدج وجميع الجامعات المرموقة لا تدرس شيئًا يدعى بالبرمجة اللغوية العصبية، بل بالعكس الأوساط العلمية المعتبرة في العالم تعتبرها خزعبلات.

  • البرمجة اللغوية العصبية ليس لها أي أساس علمي.

  • معظم مدربي التنمية البشرية والبرمجة اللغوية العصبية يدمجون العلم الحقيقي كعلم النفس في اللاعلم كي يظن الناس أن اللاعلم في حد ذاته علم.

إبان الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتي، انتشرت البرمجة اللغوية العصبية وأخذت رواجًا كبيرًا، بفضل الحملات الدعائية مثل "دبلومة التنمية البشرية ستغير حياتك" .. يقدمها "المحاضر والمدرب العالمي المعتمد من أكسفورد وكامبريدج" .. "خصم 50% على الدبلومة".

كان الجيش الروسي يعمل على تجارب نفسية للتأثير على نفسية الجنود الأمريكان، فأقام مركز أبحاث الجيش الأمريكي لجنة من خيرة علماء أمريكا لتقييم علم البرمجة اللغوية العصبية كي يتم إدخالها في الحرب النفسية فخرجت اللجنة بالتقرير التالي عام 1988

إن اللجنة وجدت أنه لا توجد شواهد علمية لدعم الإدعاء بأن البرمجة اللغوية العصبية استراتيجية فعالة للتأثير على الآخرين...

  • تم تشكيل لجنة أخرى سنة1991 وخرجت تؤيد قرار اللجنة الأولى.

  • تم تشكيل لجنة أخرى سنة 1994 وخرجت تؤيد قرار اللجنة الأولى والثانية.

ريتشارد باندلر مؤسس البرمجة اللغوية العصبية حوكم بتهمة قتل عاهرة كانت تمده بالكوكايين، وخرج من القضية لتضارب أقوال الشهود. ونشر هذا الخبر في لوس أنجلوس تايمز في عددها الصادر بتاريخ 29 يناير سنة 1988.

فحضرت المحاضرة، ولكني بعدها صرت محبطًا أكثر لأن هناك العديد ممن يهتمون بهذا الوهم ويعتبرونه علمًا ويضيعون عليه نقودهم، فماهي آخر مرة حضرت فيها محاضرة تنمية بشرية؟ وماذا استفدت منها؟