بدايةً اعتذر لكل من هو مبدعُ في طرحه.. واسع ٌفي حيلته ..متمكنٌ من جوهر معطياته ملمٌ بموضوعية تناوله للمعرفة والقضايا العلمية والنفسية  والاجتماعية وليست غايتهم الاسترزاق المجرد والخداع ... فهم اساتذتنا وهم الاستثناء هنا .. 

انطلاقاً من المفهوم الشائع عن التدريب والمدربين اوالذين يجيزون لهم التدريب المطلق من قبل بعض المنظمات التي لاتسهم في تاصيل القيم الجوهرية للمعرفة وترسيخ المبادئ الاكاديمية الاصيلة ..يقومون بتخريج مجموعة من الشباب الباحثين عن الانجاز والنجاح ،فاول مايقتنعون به هؤلاء ان مشروع تدريب المدربين هي الفجوة الوحيدة التي تحول دون النجاح والفاعلية وهذا لاينكر كله.. اما لمن؟

عادة للعاملين في قضايا التدريب والتطوير او للاكادميين الذين يسهمون في نشر المعرفة في اوساط مختلفة او للباحثين المتعمقين في مجالٍ ما وغير ذلك ، ولكن منح صفة ان يكون مدربا مطلقا لشخص لايمكن ان يجتاز الاختبارات القبلية البديهية لموضوع التدريب او لايملك الكثير من مقومات الاجتماعية والثقافية والعلمية والاكاديمية .. هذه وأد وتنكيل وتحجيم لطموحه كمساهم في صناعة التغيير او ممن يسمعونه ويسعون التعلم على يديه بعض المهارات العامة والخاصة .. وهنا اريد ان اقف امامهم قليلا وادعوا ان يقف معي المقتنعين ايضاً ازاء ما يحصل لوضع حد لذلك...

احبتي ..تسعى صناعة التنمية البشرية وسياسة النسخ واللصق إلى بيع فكرة مغلوطة بأنه بإمكان الإنسان أن يكون خبيرًا في كل شيء، وبأنه ببساطة يمكنه تغيير حياته وحياة الآخرين بسهولة، ولكن الواقع المرير يكشف عن جوانب مظلمة في هذه السياسة.

لا يمكن لأحد أن يدّعي أنه يعرف كل شيء. إن الانسان محدود في قدرته على استيعاب المعرفة وفهمها، وهذا الواقع يتطابق مع ما تشير إليه الأبحاث العلمية حول حدود قدرة الدماغ البشري. علاوة على ذلك، فإن التنمية البشرية لا تتجاوز مجرد تعبئة إيجابية، بل يجب أن تتركز على تطوير المهارات والقدرات الفعلية.

المشكلة تكمن في تصديق الناس بأن هناك حلاً سحريًا يمكن أن يحقق لهم النجاح والسعادة الدائمة. يُشجع الأفراد على الاستعانة بالخبراء في التنمية البشرية الذين يعدون بتحقيق التغيير الجذري في حياتهم، وهذا يُضلل الناس ويبعدهم عن النظر بعناية في الحقائق والحلول الحقيقية.

لا شك أن تطوير المهارات الإدارية والأكاديمية يلعب دورًا مهمًا في تحقيق النجاح المهني، لكن هذا لا يعني بأن التغيير الشخصي الجذري يمكن تحقيقه بسهولة. الإدراك الدائم للحقائق المعقدة والتحديات النفسية والاجتماعية التي يواجهها الأفراد لا يمكن تجاهله.

إدارة التغيير ليست مهمة سهلة كما يُظهر لنا الواقع. حتى أكبر المتخصصين في علم النفس يجدون صعوبة في إقناع الأفراد بضرورة تغيير عاداتهم وسلوكياتهم، فالإنسان طبيعيًا مقاوم للتغيير ويتطلب أي تغيير جهدًا ووقتًا طويلين للتأقلم معه.

لذا، يجب أن نعترف بأنه ليس هناك حلاً سحريًا لجميع مشاكل الحياة الشخصية والمهنية. يجب أن نتعلم كيف نتعامل مع التحديات ونواجهها بشكل واقعي، ونقدر أهمية التنمية البشرية الحقيقية التي تركز على تعزيز المهارات والقدرات الفردية بدلاً من السعي وراء الحلول السريعة والسحرية.

في الختام، فإنه من الضروري أن نتحرر من أكاذيب التنمية البشرية وسياسة النسخ واللصق، وأن نتجاوز المظاهر السطحية للنجاح والسعادة، ونسعى للنمو والتطور الشخصي الحقيقي من خلال التعلم والتجربة والتطبيق العملي.