كم أهواك يا شهر الصيام، أنا لن أنساك فأنت في قلبي دائمًا. تمضي الأيام ودعائي كل عام ربي تقبلنا، يا ربي بلغنا، بلغنا رمضان.. رمضان.. رمضان.. رمضان يا حبيب، رمضان.. رمضان.. ليتك دومًا قريب. أغنية (رمضان) ماهر زين.

نحن من نذهب إلى رمضان.. نحن من نركل بقدمنا الثواني والدقائق ونحاول جاهدين أن نصفع عقارب الساعة لِتَّمُر الأيام كالبرق. وحينما نلتقية، ينتحي بنا تحت مظلتة الخاصة، هي مظلة تُحاكي جزء طفيفًا من الجنة، ولا نظل تحتها ألا ثلاثون يومًا. وأن جئنا للحق فهم ثلاثون يومًا نصل فيهما إلى ذروة السعادة والأرتياح الروحي.

رمضان لا أشعر بة ألا وأنا مُنصت لقرآن ما قبل الفجر، قرآن يقرأة شيوخ تزلزل مشاعرنا من جمالهن.. وبالطبع لا يخلو رمضان من صوت النقشبندي بتواشيحة، وعلى الأرجح أنت لا تعرفها شكليًا، لكّن وبلا أدنى شك أنت تعرف صوتة. هذه الأصوات تصنع جوًا رائق للقلب جدًا في مصر.

رمضان السابق ليس هو رمضان الحالي ولا هو رمضان اللاحق.. نحن نعيش رمضان حسب فئتنا العمرية. وأنا حتى الآن لم أعشة ألا 16 مرة.

اولى سنواتي ال 16 في شهر رمضان، لم أكٌن أعي إلى أهميتة الدينية.. كٌنت فقط مهتم بخفق الدقيق الأبيض مع بعضًا من الماء الدافئ لصنع عجينة ومن ثمَّ بَكرة من الخيط الغليظ ومقص وبعض من الكُتب المدرسية العتيقة وأيضًا فانوس معدني صدئ يُشترط أن يكون حجمة كبيرًا ومغطى بلفائف بلاستيكية ملونة وعناقيد من الإنارة تعمل من الكهرباء.

كُنت أستغرق الكثير من الوقت، في قص صفحات الكتب على أشكالًا متنوعة وكُنت عبقري في هذا الأمر على ما أذكر.

كُنت أستغرق الكثير من الوقت، في لصق الاشكال الورقية بالعجين على الخيوط..

كُنت أستغرق الكثير من الوقت، في تزيين الفانوس.

كُنت أستغرق الكثير من الوقت، في تركيب الزينة في حارتنا.

كُنت أستغرق الكثير من الوقت، وأنا واقف على قدماي بالشُرفة كي أراقب الرياح وهي تداعب زينتي، وهيا تُحركها يمينًا ويسارًا.. كُنت أراقب صخبها بإذني حتى أستشعر رمضان.

كُنت أستغرق الكثير من الوقت، أمام التلفاز وأنا مُنصت بكل حواسي إلى أغنية بكار والتي تقول في بدايتة: بكار، بكار، بكار.. من صغرة وصغر سِنة عارف معنى إنة، من قلبة وروحة مصري والنيل جواة بيسري.

وأيضًا كان هنالك الكثير من السهر مع أولاد الجيران.. كُنا نلعب ألعاب بدائية وشائعة جدًا في مصر.. منها: الأستغماية.. كرة القدم.. وهنالك لعبة لا أذكر أسمها كاملًا، كان أخرها (على العالي).. إللخ. هذا ما أذكرة فقط..

والعيد كان تعسًا بحق.

وبالطبع لم أجد للصيام طريق

 ***********

منتصف سنواتي ال 16 في شهر رمضان، يتدنى شغفي بالزينة.. ويزداد وّلعي بالألعاب الألكترونية، وأنسى تمامًا مايسمى تلفاز. اختلست نقودًا كثيرة من محفظة أبي والقليل من أخي. كُنت أختلس منهما ليلًا وأصبهما نهارًا في جيب صاحب النادي الإلكتروني، تارة ألعب بلايستيشن وتارة أخرى بلياردو وتصفح الأنترنت. انشأت فيسبوك لألعب المزرعة السعيدة، وتعلمت اللغة العربية متأخرًا جدًا كي أتحدث مع الآخرون عبر الدردشة على فيس بوك، وكذلك تعلمت القليل من الإنجليزية كي أتحدث مع معشر من الجاهلين بلغة تسمى الفرانكو. فيسبوك لم يُحطم سلوكي الأجتماعي مثلما فعل في الكثير من الشباب.

منتصف سنواتي ال 16 في شهر رمضان، أدركت أهمية كرشي وقد أمتعتة كثيرًا بيميش رمضان والكنافة والقطايف وأيضًا الجلاش و أكلات أمي الثمينة.. إللخ. حتى صرت شبيهًا بالبطريق تمامًا. لم أختلس النقود فحسب بل أختلست الكثير من النظرات كذلك على باب الغرفة -التي داخلها الثلاجة- بينما الشكولاتة تلوث يد والفاكهة تتزحلق من اليد الأخرى.

منتصف سنواتي ال 16 في شهر رمضان، أنتظر أنتهاء رمضان ليأتيني يوم العيد، الذي أظفر فية على نقود العدية من أقاربي. و قد كُنت طماع بشدة وبالغ القسوة عليهنّ، أذهب للكل دون أستثناء مُنتظرًا غايتي، وما كُنت أُبالي قط بقدر الساعات التي أنفقها وأنا جالس على الأريكة مثل صنم. ما كان يشغل تفكيري في تلك الساعات سوى سؤلًا عسيرًا بحق: هل أشتري الآيس كريم أم الشيبس ؟ ***********

وفي اواخر ال 16 عام في شهر رمضان، أدركت أنة شهر القرآن.. وأن عبادة الله أفضل من أي سخف كُنت أفعلة فيما سبق.

وفي اواخر ال 16 عام في شهر رمضان، أصبحت واعً بأمور مثل مصالحة الغير إذا كان هُناك خصام أو بُعد لفترة طويلة.. وعرفت مدى أهمية التقرب من العائلة والأصدقاء وأيضًا التعرف على أناس جُدد. بلغت مرحلة تقتضي علي أن أزور وأهنئ الكل في آنً واحد.

وفي اواخر ال 16 عام في شهر رمضان، شغفي بالزينة تلاشى، وبدا أمر تزيين الحارة معقدًا جدًا لي، وحتى داخل المنزل لا يوجد موضع واحد يحوي زينة

.

وفي اواخر ال 16 عام في شهر رمضان، أحاول جاهدًا أن أُحافظ على صحتي وقتل ذلك البطريق الذي صنعتة بنفسي.

وفي اواخر ال 16 عام في شهر رمضان، صارت نقود أبي شحيحة بشكل مفزع، وحُتم علي تَحمُل بعضًا من المصاريف المنزلية. وعلى كل حال أنا أعمل منذ الصغر وأتَحمل نفقاتي وحدي دون الأحتياج إلى أحد.

يقول أبي: - ((أنت شارب وآكل، ونايم ببلاش ومبشوفش منك قرش.. من بكرة تدي أمك فلوس)).

الكراهية الخام واضحة وبشدة في كلامة.

وفي اواخر ال 16 عام في شهر رمضان، يتحول شغفي من الأفلام الكارتونية والألعاب الإلكترونية إلى الأدب والمسلسلات.

مُسلسلات رمضان 2018 قد أُتابعها أن راقت لي في أولى الحلقات.. وبالطبع إن ساعدني الوقت على رؤيتة.

((الرحلة)) و(( ليالي أوجيني)) و((أرض النفاق)) و((بالحجم العائلي)) و((فوق السحاب)) و((إختفاء)) و((طايع)) و((سك على إخواتك)) و(( أهو دة اللي صار)) و((الوصية)) و ((عوالم خفية)) و ((رحيم)) و((نسر الصعيد)) و(( ابو عمر المصري))

وهنالك برنامج تلفزيوني يُقدمة الداعية مصطفى حسني يُسمى ((حائر)).. هذا الرجل قد ساعدني بأستئصال الكثير من السلوكيات والفكر الخاطئ من عقلي.

لديّ الكثير لأقولة عن رمضان لكّن ما تعلمتة، هو ألا أسكب كل ما لدي بشأن أمرًا ما على الورق. وقد أنتهى مقالي المتدني جدًا في أسلوبة، وأمل أن تصل روحنا إلى ذروة الراحة بشهر رمضان الكريم وأن نكثر من الصلاة وقراءة القرآن والدعاء والأستغفار وأيضًا الزكر طوال الوقت إلى الله.

رابط المقال بمدونتي:

http://www.hossamblog.com/2...