غالبا تجد أنك تفكك اللغة وتفهم القصد والمعنى ، لكنك لا تقبض على ما يجعلك اكثر تأكدا من ما تسمعه .!

أنت إخواني يمني حميري أصيل يا صديقي ، الفقر جعلك على نحو بائس لكنك تشق مجرى حياتك بقوة المعرفة مستنداً إلى إيمانك بربك وسلاحك الذي أخذته كي تقتل المكر المخاتل وتغرس في أحشائه رصاصة الإباء الجسور عندما يحاول العبث ...

لا شيء يبقينا نحن الفقراء أقوياء غير إيماننا بالله والمعرفة، ثم مسدس ماكروف أصيل نتأبطه في خواصرنا بشهامة رجال أتقياء أفذاذ خطيئتهم النقاء وعيبهم الفقر.

ولا شيء يشكل الفارق في حياتنا سوى إدراكنا أن الوجود ينطوي على حلم وأمل وأن الغيب واقعاً في مكان نجهله ،وهذه الحياة رحلة نقطعها إليه ، ولقد عشت بهذا الحلم والأمل يقينا وتماهيت في أدغال الحياة بوعي الذئب وقلب الأسد وخفة الفهد ونباهة الظبي ، ومع هذا أدرك جيداً أن الحياة مولعة بالأذكياء ومغرمة بالبسطاء ،وهي تكشف لهم عن أسرارها وخفاياها وتبدي لهم جمالها المكنون بحشمة ووقار وكأنها تقول لهم أنا أنتمي إلى يقينكم وأحلامكم العذبة البيضاء النقية.

لم أتوقف يوما عن الحلم ولَم أعادِ الأمل ولَم أجحد الله نعمته وكرمه ، كنت دائما حيث تضعني قناعاتي وحيث شكلتني خلاصات تجاربي ومعرفتي ، وكنت دائما متفردا في تغريدي كبلبل حر تستهويه القمم، يمارس شدوه بإباء ومرح .

أنا الغريب الذي سار في الحياة مسترشدا بالعلامات والنجوم ومستهدياً باشراقات السماء المبتسمة ، المتوقد كجيش الضوء المحتشد في جبين الشمس ، الغريب المسكون بتقديس الكمال والمحب للحياة الراغب في الموت بقناعة المؤمن ، المستقبل لزخات النسيم العذب بحبور البسطاء القادمون من حقول السماء المزروعة بسنابل الضوء والتجليات ؟

ثم ماذا أنا ؟

لست سوى أنا رداد السلَّامي المعاد باستمرار الى ثغر الشمس المنتوج من وهج خيلاءها والمنسوج من خيوط شعاعها الذهبي الأصيل ...