صناعة التأثير "الانفلونسرز" هي أحد أهم الصناعات التي بدأت تنمو مع نمو مواقع التواصل الاجتماعي وازدياد حجمها، حتى أصبح هناك لقب مخصص لمن لديهم آلاف المتابعين وهو "انفلونسر". فهل يعني هذا اللقب شيئًا؟
في البداية دعني أستعرض القصة من بدايتها. في العقود الماضية وقبل وجود الإنترنت كان من الصعب على أي شخص أن يصبح "مشهورًا" وعدد الطرق التي تؤدي إلى هذا الأمر محدودة للغاية وتتطلب عناءً وجهدًا كبيرين وفي النهاية قد لا تحقق شيئًا. فحتى تصبح مشهورًا يجب عليك العمل إما في مجال الفن "التمثيل والغناء على وجه الخصوص" أو في تقديم البرامج الحوارية الكبيرة، أو كرة القدم، وهذه الأمور اتقانها يتطلب موهبة وخبرة وجهد. أما الآن بعد انتشار الانترنت وسيطرة مواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك وتويتر وانستجرام أصبح من السهل على أي شخص أن يصبح له منبره الخاص، وجمهوره الذين ينتظرون أعماله أيًا كانت بغض النظر إذا كان ما يقدمه ذو فائدة أم لا.
تود أن تصبح مشهورًا؟ حسنًا لا عليك. فقط قم باستخدام كاميرا هاتفك وقم بتصوير بعض الفيديوهات السخيفة عن أي شيء ليس له أهمية في هذا العالم وستحظى بجمهورك. لا يهم إذا كنت ثقيل الظل أو ليس لديك حضور وكاريزما. كل ما يهم هو تتبع قواعد الحصول على جمهور والصبر في البداية وستصل في نهاية المطاف إلى جمهورك. إذا كنت لا تصدقني، قم بإلقاء نظرة على معظم المؤثرين والانفلونسرز عبر موقع فيسبوك مثلا، ستجد أنهم لا يمتلكون أي معرفة حقيقية أو موهبة تميزهم. هم فقط يتبعون قواعد الحصول على جمهور والتي يمكن لأي شخص اتقانها بغض النظر عن المحتوى الذي يقوم بعرضه.
شخصيًا لدي 80 ألف متابع عبر موقع فيسبوك، ربما يجعلني هذا الأمر انفلونسر :) لكنني لا أهتم بهذا الأمر كثيرًا بالرغم من جاذبيته :) لكن سأشاركم هنا بعض القواعد التي ربما تسببت في وجود هذا الكمّ من المتابعين وفي النهاية سأطلعكم على وجهة نظري فيما يخص التأثير وأداء السوشيال ميديا.
أحد أهم الكتب التي تتكلم باستفاضة عن عملية التأثير وتساعد في الحصول على جمهور هو كتاب *Return On Influence: The Revolutionary Power of Klout *. هذا الكتاب يناقش بالتفصيل طريقة صناعة التأثير، مع أهم النصائح التي يجب اتباعها لتحقيق هذا الأمر، بالإضافة إلى شرح مفصل لأداة Klout التي تقوم بقياس تأثيرك على مواقع التواصل الاجتماعي.
أهم القواعد التي يجب عليك اتباعها للحصول على جمهور هي:
تعرف على جمهورك: من هم الشريحة التي ترغب باستهدافها. شخصيًا أركز على مجال توصيل وتبسيط العلوم، والتعليم، وصناعة المحتوى. لذا جمهوري هم المهتمون بهذه الصناعات المختلفة ومعرفتهم تسهل علي تحديد المحتوى الذي يناسبهم.
المحتوى المناسب: إذا كنت تستهدف الشباب، عليك إذا صناعة محتوى في مجال اهتمامهم. الشباب يفضلون محتوى الفيديو أكثر من المحتوى المقروء. كذلك يفضلون الحياة الصخبة وطريقة التواصل الطريفة وليست طريقة الخطاب الرسمية التي ربما تناسب آبائهم.
مواعيد النشر: اختر مواعيد النشر بدقة، ولا تقم بالنشر في المواعيد التي لا تلائم جمهورك.
الصداقة: جمهورك هم أصدقاؤك، تعامل معهم وفق هذا التصور، ودع التعاملات تأخذ الطابع الشخصي وليس طابع العمل أو الطابع الجماعي الذي يشبه خطابات المسئولين. تعامل مع كل شخص من جمهورك على أنه صديقك المقرب.
التريند: كلما كنت قادرًا على استغلال أي تريند في العالم لصالحك، كلما زادت شريحة جمهورك. بالطبع هناك سقف أخلاقي لا يمكن تجاوزه، فمن الأفضل عدم استغلال أي تريند يتعلق بحوادث مأساوية أو ما شابهها لاكتساب بعض الأعداد من الجمهور.
كن واضحًا ومختصرًا: لديك ثواني محدودة جدًا لجذب انتباه جمهورك، لذا كن واضحًا ومحددًا في الرسالة التي تود إيصالها إلى الجمهور حتى تحصل على جميع انتباههم.
هذه هي الأمور الأساسية لجذب الجمهور، وبناءً على ما أشاهده بشكل يومي عبر السوشيال ميديا، أستطيع التأكيد بثقة أنه للأسف لم يعد المحتوى مهمًا على الإطلاق. الأغلب لا يقومون بتقديم أي محتوى هادف أو مفيد ولديهم عشرات الآلاف من المتابعين، ولا يقتصر الأمر على هذا الحد، بل يبدأ هؤلاء الأشخاص في تصديق أنفسهم بأنهم يمتلكون علمًا ومعرفة، ويبدأون في استغلال جمهورهم لصالح مصالحهم الشخصية وهذا هو الجانب الأسوأ والأكثر انتشارًا من صناعة التأثير.
بالطبع كونك مؤثرًا على السوشيال ميديا يفتح أمامك العديد من الفرص، مثل اكتساب أصدقاء جدد كل لحظة، التعرف على عملاء محتملين، وكسب بعض الأموال نظير نشر بعض البوستات الترويجية للجهات الإعلانية حسب جمهورك الذي تحظى به.
شخصيًا لا أفضل كوني "انفلونسر"، ولا أسمح قدر الإمكان لهذا الأمر في التحكم فيما أنشره أو ما أفعله عبر السوشيال ميديا. ومن ناحية أخرى أحاول استغلال الجانب الجيد في الأمر من خلال الحصول على عملاء محتملين واكتساب أصدقاء ومعارف جدد وزيادة شبكة علاقاتي.
وأخيرًا، بشكلٍ عام تحولت حسابات الأشخاص على السوشيال ميديا إلى مجرد أرقام. إذا كان لديك مائة ألف متابع فإن هذا يعطيك مصداقية في الأخبار والمعلومات التي تنشرها عن الشخص الذي لا يمتلك سوى مئات المتابعين. أي أنه كلما زاد "رقمك" على السوشيال ميديا، كلما زاد تأثيرك ومصداقيتك. فهل أنت بالفعل مجرد رقم؟
التعليقات