"نحتاج ثورة اقتصادية...لا اجتماعية...لا سياسية...لا دينية....لا اقتصادية" وتستمر دائرة الحكايا والهتافات الداعية للثورات في بعض المجالات متمسكين بوهم أن النية كفيلة لتحقيق الهدف، فاذا أكرمهم الله وبدأوا بالفعل تناسوا العقل واندمجوا مع العقل الجماعي اىمشبع بالغضب والحماس، واذا بدأوا في تعقيل أنفسهم توصلوا لمبادئ يعرفها صغير الكانجرو في كيس أمه، فيطالبون ب"مطالب الحياة الأساسية" ك"عيش حرية عدالة...." ولكن لا تذهب عقولهم لأبعد من ذلك، حتى لو كان في "نيتهم" معاني أخرى لتلك الكلمات فهم قد تناسوها بفضل العقل الجمعي للجمهور الغاضب الحانق المندفع، وبعد اخماد الثورة المزعومة لا يجدوا ما يفعلونه، لانهم لم يخططوا لابعد من ذلك، طموحاتهم محدودة، وعقولهم مقيدة، مطالَبون بتحقيق شعاراتهم، ولكن تقف الكثير من العوامل أمامهم، فيتم مهاجمته بعد أن تزداد الأوضاع سوءًا بشكل يمنع أي مخلوق يأتي بعدهم من تكرار فعلتهم، فهم أصبحوا عبرة لمن أراد ثورة، أي ثورة، أي ثورة؟

الوقوف أمام المعنى اللغوي المعجمي لكلمة ثورة لا فائدة منه البتة، فهو لن يحقق أهدافنا اذا طبقناه حرفيًا، ولن يوصف شعورنا وما يجب أن نكون عليه، فمعاجم اللغة تذكر معنى اللفظ كما يستخدمه الاغلبية وتتجاهل القلة طالما لا قيمة لهم، لذا يجب أن نتعامل مع لفظ ثورة بتجريد أكبر كأنها كومبو من الأدوات والخطط والأفكار تمهد لنا الطريق للوصول لهدف معين، فالثورة هنا وسيلة لهذا الهدف وليست وصفًا لحالة نفسية، وهذه الحقيبة تتضمن خطوات ممهدة وبطيئة لا تتلائم مع التعريف اللغوي للثورة ولا حتى المعنى الشائع بين خاصة الناس من الثوار، لانه لا ثورة في مجال معين يمكن منع تاثيرها على المجالات الاخرى، ولا ثورة في مجال معين يمكن ان تتحقق دون ثورة في المجالات الاخرى، ولا ثورة تنتهي في اسبوعين لان الثورة خطة طويلة المدى لا تنتهي الا بتحقيق اهدافها، وحتى بين خاصة الخاصة يشوع البحث عن اهداف الثورة الظاهرية متجنبين البحث عن الباطن، ولو اتبعنا اهداف الثورة الباطنية فهي لنهاية، بينما الاهداف الباطنية مستمرة لمالانهاية، لا تنتهي الا بانتهاء الثورة، بالقضاء عليها، بمحو اثرها وكل ما يتعلق بها من الوجود، بحذف افكار ناس من نتاج البشرية وهو أمر شبه مستحيل، الا لو عشنا في" ١٩٨٦ "، لذا يجب على خاصة خاصة الخاصة أن يدركوا أن الثورة لا تنتهي وأنها غير محدودة وأنهم سيموتون قبل تحقيق أهدافها وأن...ما الثورة من جديد؟

أرجح في هذا المجال كتاب "فقه الثورة" ليوسف زيدان الذي لم أبدأ بقراءته بعد ولكني متأكد من فائدته، أما هذه فكانت بضعة خواطر حول الثورة، وددت لو أنشرها معكم لأطلع على ما يجول بخاطركم أيضًا، فهل تسمح لي؟