في 2011 حاولت شركة MRC للحقوق الاعلامية بيع حلقة تجريبية لمُسلسل سيشتهر لاحقًا باسم House of Cards وعرضت حقوق حلقة تجريبية واحدة على عدِّة شركات تلفزيونية، يشترون الحقوق ويعرضون الحلقة التجريبية على منصّاتهم، ثم يقرّرون جدّية استثمارهم في المسلسل.

كان هناك تخوّف من الشركات الكبرى من هذا المسلسل، لأنّه يمسّ بعض المواضيع السياسية، ولم ينجح في أمريكا مسلسل من هذا النوع منذ سنوات، لكنّ نتفليكس انتهزت الفرصة، واستطاعت النظر للموضوع من زاوية أخرى.

نتفليكس رأت فيما تملكه من البيانات حول المستخدمين، أنَّ كثيرًا من جماهيرها يحبّون كيفن سبايسي والمخرج ديفيد فينشر، فقرّرت الاستثمار في المسلسل، وبدلًا من شراء حلقة تجريبية بـ5 مليون دولار، قامت بشراء 26 حلقة كاملة بـ 100 مليون دولار.

تهوّر وذكاء

لم تكتفِ نتفليكس بشراء الحقوق بـ100 مليون دولار، بل قررت اطلاق 13 حلقة من موسم كامل على دُفعة واحدة، بدلًا من نشر حلقة واحدة بشكل اسبوعي.

الثقة التي امتلكتها نتفليكس كانت نابعة ممّا تملكه من البيانات حول مستخدميها، وعلى إثر هذا سوّقت للمسلسل بطرق مختلفة، فأولئك الذين يحبّون كيفن سبايسي، ظهر لهم اعلانًا لمشاهد يتصدّرها كيفن. الذين يُحبّون امرأة في دور البطولة، ظهر لهم اعلانًا تتصدّره روبين رايت، ولمن يحبّ المخرج ديفيد فينشر، صنعوا اعلانًا خاصًا يُركّز على الجوانب الجمالية والاخراجية من المسلسل

اسباب نجاح المخاطرة

1- الاعتماد على بيانات المستخدمين

على عكس القنوات التلفزيونية الكبيرة، التي تحصل على احصائياتها من استبيانات عامّة ونسب غير دقيقة، نتفليكس تمتلك بيانات هائلة عن مستخدميها، مدّة المشاهدة، الممثل المفضّل، البرامج المفضلة، الجهاز الذي يفتحون منه التطبيق إلى ما يشبه ذلك من الاحصائيات.

2- نتفليكس أكثر تحررًا

أنا أكره تبجيل هذه المنصّة التقدّمية البغيضة، لكنّه العلم يا صاح، وهي متحرّرة بالمعنى السيء، لكنّها متحررة أيضًا بمعنى ايجابي آخر، فهي لا تأبه بالقيود التي تفرضها الشبكات الكبيرة على نفسها، فكثير من مسؤولي الشبكات الكبيرة يترفّعون أن تقودهم بيانات المستخدمين، ويرون هذا نزولًا للفنّ.

لكن التيّار يسير مع نتفليكس في الوقت الحالي، وفي 2016 حصلت نتفلكس على ترشيحات لجوائز الجولدن جلوب أكثر من شبكات كبيرة مثل (ABC-CBC-NBC-FOX) مجتمعة.

3- توزيع الحلقات بحسب وقت المستخدم

بدلًا من عرض حلقة أسبوعية في وقت ثابت، المستخدم أصبح يرى المسلسل وفق الجدول الذي يُريد وبالسرعة التي يُفضّل.

4- اعلانات تستهدف الأذواق

لم تسوِّق نتفليكس لجميع الناس بشكل واحد، واعتمدت على البيانات لتصميم اعلانات تستهدف أذواق مستخدميها المختلفة، وقد ذكرتُ لك كيف صنعوا 3 اعلانات بدلًا من واحد، وكلّ إعلان يُركّز على فئة محدّدة.

5- حرية لكاتب الحلقات ومخرجها

بدلًا من أن يصرف صنّاع المسلسل وقتًا في محاولة تذكير الناس بما جرى في الحلقة القادمة ومحاولة ربط الأحداث ببعضها، لم تعد تشغلهم هذه المشاغل، وخصّصوا هذا الوقت لاثراء المسلسل بالأفكار والمشاهد.

كثير من معلومات هذا المنشور مُقتبسة من كتاب رائع لمايكل سمث يُدعى Streaming, Sharing, Stealing