حقوق الملكية الفكرية هل تشجّع الإبداع أم تعوّقه؟

كما قال صديقي @mhabach لا يجوز مناقشة قوانين الملكية الفكرية على أنها وحدة واحدة، وإنما تجزئتها ومناقشة كل قانون منها على حدى (وهي تقريبًا 15 قانونًا مختلفًا)

لديك على سبيل المثال «براءة الاختراع» وهي من القوانين غير الموجودة سوى في الولايات المتحدة بينما ترفض دول الاتحاد الأوروبي هذا القانون وتعتبره بمثابة إعاقة حقيقية للإبداع الإنساني. من أمثلته:

ما حصل مع حكومة جنوب إفريقيا عام 2001 عندما سنت قانونا بدافع الحاجة يسمح باستيراد أدوية لمعالجة الإيدز صُنعت بمخالفة قواعد الملكيّة الفكريّة بغرض توفير التكاليف الباهظة لشراء الأدوية المرخصّة؛ نتيجةً لذلك رفعت أكثر من 40 شركة دوائية قضية ضد حكومة جنوب إفريقيا. ورغم الوفيات العاليّة هناك إلا أن الأولويّة كانت لأرباح الشركات الرأسمالية الكبرى

أو ما حصل مع شجرة النيم الهنديّة والتي تُعرف بصيدليّة القرية والتي تقدِّم للمزارعين عشرات الفوائد لأرضهم ومزروعاتهم لأكثر من 2000 عام. ففي عام 1995 حصلت W. R. Grace على براءات اختراع لمادة مضادة للفطريات مُستخرجة من الشجرة، مما يمنع المزارعين القرويين قانونيًا الاستفادة من تلك المواد دون شراء الترخيص من الشركة في كلّ مرة (لاحقًا في 2005 كسبت الهند القضية)

في المقابل هناك حق «الإشارة الأدبية» للمؤلف أو المخترع وهو حق أصيل لا يُمكن إنكاره أو رفضه، وكذلك حق «العلامة التجارية» أي أن لا تقم بنشاط تجاري تحت اسم أو شعار ما محفوظ الحقوق بحيث توحي بانه نشاط من الشركة الأم، بينما هو نشاطك الخاص (أي خداع الجمهور)..

فيما يتعلق «بحقوق النسخ» أي تقييد نسخ المنتج لمدّة زمنية معينة، فالحلّ الواقعي هو تقييد هذه المدّة لفترة معقولة يتم تقديرها من قبل مختصين، بحيث تضمن ربح المبدع والمستثمرين من ورائه وكذلك عدم تقييد نشر المعرفة والتقنية لعشرات السنوات بحجة حقوق النسخ..

لكن في هذا العصر ومع تزايد التقنيات يصبح من الصعب جدًا التحكّم بتقييد النسخ، ومهما بذل المؤلف من جهود نرى المنتجات الإبداعية (سواءً كتب أو برامج أو أفلام إلخ ) متوفرة مجانا هنا أو هناك... لذا التوجه العالمي الحالي هو خلق أسلوب جديد للربح من الإبداع لا يرتكز فقط على البيع الحصري للمنتج وإنما يتجاوزه لأشكال أخرى أكثر إبداعًا..

المُبدع أو المبدعة سيكون مطمأنًّا بأنّ لا أحد سيقلّد إبتكاره

خطأ شائع

قد يركض و يتعب في المحاكم و وسائل الاعلانات و ربما يدفع من جيبه لاستعادة حقوقه

فالمبدع بشكل عامّ لن يبذّلَ جهدًا على الفكر

خطأ شائع

المبدع قد يعمل و يدرس لسنوات قبل أن يكتسب الخبرة و الثقافة اللازمة للوصول للفكرة الابداعية

غير أنّ من جهة أخرى هذه الحقوق وخصوصًا إن كانت صالحة لفترة طويلة فإنها تمنع المبدعين الآخرين من إعادة إستخدام الإبتكارات الموجودة سابقًا فكذلك تعوّق هذه الحقوق الإبداع

حقوق الملكية الفكرية موجودة لتنظيم مسألة الاستفادة من الأفكار و الاختراعات

انا كمستثمر لماذا سأصرف الآلاف من جيبي لنشر برنامج معين أو كتاب ... الخ (دعما للناشر و الكاتب و القارئ) اذا كان يحق للجميع النشر بالمثل مجانا ؟

هناك بعض حقوق الملكية التي يجب إتاحتها للجمهور والتخلي عن حقوقها لتشجيع الإبداع ورأينا هذا في الكثير من العقاقير واللقاحات وحتى التقنية وغيرها. فضلاً عن أن حقوق ملكية تعد معيارية وهذه لا يمكن الاحتفاظ بها لجهة ما بل تقدم للجميع ليستفيد منها مثل الهواتف الذكية تستخدمها

تشجع على الإبداع إن كنت مطمئناً أن عملك لن يأخذه أحد غيرك.

وتعوقه إن كانت فكرتك تشابه فكرة أحد محمية بحقوق الملكية.