مساندة الأباء في المحن هي أمر ممتاز لا خلاف عليه، وهو أمر قد يكون نادراُ في وقتنا الحالي بكل مفرداته الغريبة، لكن ظهر مؤخراً خبر على منصات التواصل الاجتماعي يسخر من تصريح من والدي (هدير عبد الرازق) المتهمة بقضايا مخلة والتي نشر لها مؤخراً كثير من الفيديوهات التي تحتوي على تسريبات تؤكد ما يقال عنها ، ليخرج الوالدين بتصريحات غريبة ، حيث يزعم الوالد إنها كونت ثروتها بالتعب والشقاء، وتقول الأم أنه ما يظهر بالفيديوهات هو فيديو مفبرك لوجهها مصمم بالذكاء الاصطناعي ، وهي بعكس حادثة أخرى لتيك توكر شهيرة تدعى (علياء كامرون) فتاة بعمر المراهقة تبدو مضطربة نفسياً تم إلقاء القبض عليها ليتبرأ والداها منها بشكل كامل ومما تفعله ، وبين الحادثين يعكس نمط معاكس لما يمكن أن نسميه بمساندة الوالدين، لذا كيف نعرف مساندة الوالدين بشكل صحيح ونعرف ما له وما عليه وما هي حدوده؟
ما حدود مساندة الوالدين لأبنائهم؟
في الواقع كلا السلوكين موجود لدى الكثير من الآباء وقد رأيته في العديد من الحالات، فبمجرد أن يرتكب الابن او البنت خطأ، ينقسم الآباء اما الى دعم كامل أو تخلي تام، ولكن أعتقد أن تعامل الآباء مع هذه الأمور أمام الكاميرا ووراءها يختلف بشكل كبير، ولكن عموما اذا اعترف الأهل بخطأ ابنتهم ولكن دعموها الى أن تخرج من الأزمة فأعتقد أنه في تلك الحالة قد يكون توازن مقبول الى حد ما
أنا هنا أتفق مع إسلام @Eslam_salah1 في انه لم يكن يجب التهاون من البدابة من قبل السلطات لأن هذا سلوك انتشر وربما يفسد جيل كامل صغير لا يعرف الصواب من الخطأ خاصة أني رأيت فيديو لها وهي تركب سيارتها ويحتفي جيل المرهقين بها وكأنها سميرة موسى أو بنت الشاطئ! وأختلف معك كريم في قبولنا سلوك والدي هدير! أرى في ظهورهما ودفاعهما هذا الدفاع بجاحة ما بعدها بجاحة لأن البنت فعلت الخطأ أكثر من مرة؟! ثم برأيك من سرب تلك الفيديوهات من هاتفها إلا أن تكون عارفة بالأمر من البداية؟!ثم نقارن هنا بين موقف والدى الفتاة التي بدلت رغبات تنسيق زميلتها وكيف تركوها تأخذ عقابها ولولا عفو والد زميلتها لكانت في السجن الآن! ونقارنه بينه وبين سلوك والدي هدير وكأن ابنتهم عفيفة طاهرة و الناس هم يتجنون عليها؟! كنت أحترمهم جدًا لو تنصلوا من جريمتها وتبرأوو منها وقالوا لا بنتنا ولا نعرفها!
فكرة التوازن التي ذكرتِها تبدو جميلة لكن في الواقع صعب تنفيذها لأن مساندة الأهل لا تعني أبداً إنكار الخطأ أو تبريره مثل ما حدث في قضية هدير عبد الرازق حين حاول والداها إنكار ما هو واضح أمام الجميع هنا المساندة لم تعد مساعدة بل صارت تغطية على أمر غير مقبول وهذا يضر الابنة أكثر لأنه يشجعها أن تكرر نفس الأخطاء المساندة الحقيقية أن يقف الأهل مع أولادهم لكن مع الاعتراف بالخطأ ومساعدتهم على تحمّل نتائجه وتصحيحه لا أنكار وجوده أحياناً يكون الاعتراف بالخطأ أمام الناس أهم من أجل حماية سمعة الأهل وبنفس الوقت يعطي رسالة للابن أو البنت أن الحب موجود لكن المسؤولية لا تسقط وهذه هي التربية السليمة
أظن أن خالد ومي أوضحوا الفكرة من حيث ما يفترض أن تتم المساندة عليه، لكن بوجهة نظركم هل هذا فعال في الحقيقة، ففي المثلين المذكورين الأبوين في (قصة هدير، والوالد في قصة علياء) تصرفوا بشكل خاطئ تماماً ، وهو بالنسبة لي أمر لم أتعجب منه بالحقيقة هل تعرفوا لماذا، لأن تلك النماذج هي التي أنتجت فتاة تستحل الحرام وتمارس الفاحشة، وفتاة أخرى لا تنصت للنصائح حتى بعد تعرضها لتجربة السجن بالمرة الأولى وتم العفو عنها لتظن أنها ربما تكون فوق القانون، الأبوين هنا ليس لهم تأثير فعال في حياة أولادهم بدايتاً من التربية فكيف يقدموا مساندة حقيقية بأي شكل ، وهو ما يذهب بنا إلى نقطة أشد جاذبية ، أن الأبناء الذين يعانوا من مشاكل حقيقية وبحاجة لمساندة أهلهم هم بالأساس مشكلة تسبب فيها أهلهم بأهمالهم فكيف نضع للوالدين طريقة مساندة مثالية وهم بالأساس غير مؤهلين لتقديم مساندة من أي نوع؟
تذكرت مقطع فيديو رأيته لأحد السيدات الألمانيات المشردات، تقضي كل حياتها في الشارع لأنها تورطت في الإدمان وخسرت وظيفتها، وأثناء اللقاء قالت أنها تزور والدتها وأطفالها مرة كل شهر، وأكملت أن والدتها لديها بيت: ففهمت أن كل شخص يتحمل مسؤولية نفسه هذه هي ثقافتهم، وقد تركتها أمها لتعيش في الشارع، رغم أن الأم لديها بيت.
بالنسبة لنا في الشرق نحن نقدم مساندة غير محدودة أحياناً، أو نتخلص من كل المسؤولية في أحيان أخرى، لا توجد حدود وسط.
المشكلة أن الحياة الغربية الجامدة في المشاعر والتي تقدم كنموذج واقعي لذرع المسؤالية في الأبناء منذ الصغر تحولت يا عزيزي جورج إلى شكل من أشكال التنصل من المسؤالية كما أظهرت في المثل الذي ذكرت حينما تخلت الأم عن أبنتها بدافع تربيتها على تحمل مسؤلية نفسها، الوالدين لا يتنصلوا من مشاكل أولادهم الحقيقية بل يقدموا لهم الدعم (المحدود) أو في أقل الأحوال [النصح والدعم الأسري كخيار عندما يشتد الاختبار] فهل من المنطقي أن يتم ترك أبنتها للتشرد والتسول دون أي حماية أو متابعة من أي نوع؟ ، وبالتالي النموذج الذي ذكرت لا يعد مثال جيد لما يجب أن تكون عليه المساندة، وبالنسبة للشرق في الجزئية التي قلت فيها :
في الشرق نحن نقدم مساندة غير محدودة أحياناً، أو نتخلص من كل المسؤولية في أحيان أخرى، لا توجد حدود وسط.
هذا صحيح نحن لا ندرك الحدود الوسط معظم الوقت وفي معظم الحالات لذا فما هو أقتراحك بهذا الشأن؟
حينما تخلت الأم عن أبنتها بدافع تربيتها على تحمل مسؤلية نفسها
الأم تخلت عن ابنتها ليس بسبب تربيتها، بل تخلت عنها لأن ثقافتهم ترسخ وتؤكد أنها بالفعل ليست مسؤولة عنها، فبمجرد البلوغ تنتهي العلاقة التقليدية بين الأم وأولادها ويتحمل كل شخص مسؤولية نفسه.
بالنسبة لنا في الشرق الموضوع معقد لأننا أشخاص نحمل عاطفة كبيرة، فلو ترك الابن أو الابنة بيت والدهم بدون إذنه وعاشوا فترة لا يعلم عنهم أحد شيئاً، من الصعب على الأب أن يقبل بعودتهم للبيت مرة أخرى.
برأيي أنا وأنت نعرف أن مشكلة هدير ليست من نوع المحن التي يجب أن يحصل فيها أحد على مساندة، وما يفعلونه لا يمثل إلا تفسيرين الأول أنهم عجزوا عن تربيتها وتوجيهها والآن يتغافلون عن سوء فعلها، والثاني أنهم مثلها لذلك لا يبصروا في سوئها شئ، والعجيب أن وطني العزيز تهاون مع كل هذا بل وترك مساحة لأن يكون هناك مؤيد ومعارض لها
ولماذا لا نقول إن هذا هو قلب الأب والأم؟ ينصرون أبناءهم حتى لو كانوا مخطئين، مثلًا كولي أمر الطالب الذي يراه لا يخطئ أبدًا مهما قال عنه المعلم أو وصفه، وفي النهاية الأب والأم ينظرون إلى أولادهم بعين من الحب والدفاع، وقد يبررون لهم كل تصرف مهما كان خاطئًا.
وبالرغم من هذا يجب أن نضع النقاط على الحروف ونكون واقعيين، لأن طبعاً المساندة العمياء لا تعني أن كل تصرف صحيح أو مقبول.
في الحقيقة يا إسلام أنا أرى أن النظام بشكلاً ما يستغل أخبار (هدير عبد الرزاق) كترند يتحكم فيه من منطق بص العصفورة، لذا لا تبدو الإجراءات ضدها فعالة كغيرها، فأنا لا أظن أنهم لا يملكون أدلة، أو ربما لأن القانون المدني يتغافل عن العلاقات المخلة الموافق عليها طرفين، وبالنسبة للتسريبات فلم تعلن (هدير) أن هذا تم بموافقتها، وبالتالي قد لا تكون مجرمة قانونياً (حالياً) ولكن ما أتعجب منه هو تلك الاستساغة من الوالدين والتقبل الغريب لما فعلته هي وكأن ما فعلته هو إنها مثلاً كسرت إشارة مرور لذا يساندوها بشكل غير منطقي! ما علينا قلب الأم والأب يا بسمة لا يعني أن لا يتم رد أبنائهم عندما يخطئوا لأنه مثلما قلت يجب وضع النقاط على الحروف بدلاً من المساندة العمياء ولكن كيف ندفع بأولياء أمور أهملوا في تربيتهم من البداية ليقدموا بعدها مساندة فعالة هذا هي النقطة التي تستحق التفكير والنقاش بوجهة نظري.
شيء غريب بالنسبة لي أن أرى والدين يتخلون عن أبنائهم صراحة، على الأقل موقف والدي هدير واضح ومألوف بالنسبة لي، فالوالدين لا يرون أخطاء أبنائهم أبدًا، ويظنون أن دفاعهم عنهم هو الحل.
أما في حالة علياء كامرون، فالتبرؤ منها تمامًا كان أشبه بمحاولة الهروب من مسؤوليتهم تجاه تصرفات ابنتهم، وبرأيي لن نتمكن من معرفة مساندة الوالدين بشكل صحيح إلا حين يربي كل أب وأم أولادهم على التوازن بين الحب والاحتواء من جهة، وبين المراقبة والتوجيه من جهة أخرى، مع الاعتراف بالأخطاء وتصحيحها بدلًا من الدفاع الأعمى.
وبرأيي لن نتمكن من معرفة مساندة الوالدين بشكل صحيح إلا حين يربي كل أب وأم أولادهم على التوازن بين الحب والاحتواء من جهة، وبين المراقبة والتوجيه من جهة أخرى، مع الاعتراف بالأخطاء وتصحيحها بدلًا من الدفاع الأعمى.
هذا صحيح ولكن المثير في كلامك، أن الوالدين الذين أهملوا في تربية أولادهم من البداية هم غير مؤهلين لتقديم مساندة حقيقية من أي نوع بشكل ينعكس بشكل إيجابي على أولادهم .
التعليقات