حين قرر كائن أن يخرج من البحر... بدأت الحكاية

قبل ملايين السنين… لا، لا أعلم كم تحديدًا، فأنا لم أكن هناك – للأسف الشديد. لكن العلماء يقولون: كان هناك "لا شيء"، ثم فجأة، بوم!، صار هناك "شيء". لا تسألني كيف، فحتى "الشيء" نفسه ما زال يتساءل عن أصله.

تكوّنت خلية أولى في البحر، غالبًا لأنها لم تجد شغلًا أفضل. ثم قررت أن تتكاثر… هكذا، من باب الملل على الأرجح. فتكوّنت مخلوقات بحرية أخرى. وبعدها – لا أعلم بأي دافع – خرج أحدها من الماء. ربما كان يعاني من حساسية جلدية، أو ضاق صدره من الملح.

قالوا إنه تطور. وأنه بمرور الزمن، ظهرت الكائنات البرية. ومنها جاء الإنسان. لحظة، لحظة! أي قرد قد يصدق ذلك؟! بل أي قرد سيرضى بهذا التشهير العلني؟! ثم إنهم يقولون إن الإنسان تطوّر من القرد. جميل… وأين ذلك الكائن الذي يُفترض أنه بين القرد والإنسان؟ أين الحلقة المفقودة؟ لماذا لم نضع لها لافتة في متحف؟ أم أنها حلقة مفقودة فعلاً لأن أحدهم استعارها ونسي أن يعيدها؟

ثم لماذا نحن هنا أصلاً؟ ألم يتم "انتخاب" الإنسان؟ ألم ينقرض الديناصور لأنه لم يواكب العصر؟ فلماذا لم ننقرض نحن أيضًا؟ ربما لأننا نجيد تقديم البرامج العلمية وتزويق "الفكرة" بلمسة من الإقناع المصحوب بالمؤثرات البصرية.

أنا؟ أنا مجرد أورانغوتان في حديقة الحيوان، أحاول فهم كتابٍ عن "أصل الأنواع" وكأنني أقرأ قصة خيالية كتبها أحدهم وهو يحتسي قهوته بعد شجارٍ مع زوجته.

العجيب في الأمر أننا نكذب أحيانًا، ونسمي هذا "فرضية علمية". نُقنع أنفسنا بأنها من أجل الحقيقة. ومن أجل التقدم. لكننا ننسى أن التركيز على زاوية واحدة قد يجعلنا نغفل عن اللوحة كاملة. فقد تنظر إلى إصبع وتشعر أنه العالم، بينما تغيب عنك اليد والعقل والجسد.

والأدهى، أن البعض يبحث عن أصل الكون وكأن الوجود وُجد من تلقاء نفسه. لا موجود قبل الوجود… إلا الله. لكن هذه المعلومة لا تُدرّس، لأنها غير قابلة للفحص المخبري.

الحقيقة؟ ما يُروّج له ليس دائمًا حقيقة. قد يكون رأيًا أُعيد تلميعه، أو نظرية تم ضخها بالتمويل، أو فكرة قديمة في ثوب حديث. وقد نكون نحن الحلقة المفقودة، لا في التطور، بل في فهم أنفسنا.

في النهاية، "كيف بدأت الفكرة؟" لا أحد يعرف. لكن الجميع يتحدث. وأنا؟ أُغلق الكتاب، وأضحك بيني وبين نفسي. ربما التطور الحقيقي… أن نتوقف عن تصديق كل شيء.

لا تنتظر من سؤالا فأنا مجرد أورانغوتان، فأنت المفكر هنا حلل وناقش.