من متابعتي لمواقع التواصل الاجتماعي لاحظت استخدام عدد من أساليب التضليل وتوجيه الجمهور من قبل الجهات الإعلامية ومخابرات الدول، والناس تتأثر بها، طبعاً هناك أساليب بديهية مثل الكذب المباشر واستغلال العاطفة وتقديم أنصاف الحقائق، ولكن هناك أساليب أكثر إتقاناً أردت مشاركتها معكم لتتجنبوا الوقوع في فخها، مع العلم أن الأمثلة التي أضعها هي أمثلة متخيلة، تجنبت استخدام أمثلة حقيقية لأتجنب إثارة الجدل:

- الجمع بين المعلوم والمجهول: مثلاً شخص نعلم عنه أنه كثير الكذب لكن الحديث عن وجود هذه الصفة فيه غير شائع في وسائل الإعلام، فيتم ذكره بصفته "كثير الكذب وسارق"، فإن حاول تكذيب الخبر يعترض الناس بأنهم يعلمون أنه كثير الكذب ولا يمكنه تكذيب هذا، فيضاف إلى ظنهم أنه سارق أيضاً.

___________

- الربط بين معلومة صحيحة ومعلومة خاطئة: هذا الأمر يشبه الحالة السابقة لكنه يقدم بطريقة أكثر إتقاناً توحي بوجود ارتباط بين المعلوم والمجهول، مثلاً شخص يريد أن يقول أن أتباع الديانة الهندوسية لا يؤمنون بالجنة والنار، فيبحث في معتقداتهم ويجد أنهم يؤمنون بتقمص الأرواح وهذا معروف عنهم، يستغل هذا ليقول أنهم لا يؤمنون بالجنة والنار، لكنه لا يقدم هذا بصيغة إثبات ما يريد قوله بناءً على ما هو معروف، بل يربط المعلومتين كأنهما معلومة واحدة فيقول: "تؤمن العديد من الأديان بالحساب بعد الموت وهذا دفعها للاعتقاد بوجود حياة بعد الموت، لكن طبيعة هذه الحياة تختلف من ديانة إلى أخرى، مثلاً يؤمن المسلمون بيوم القيامة حيث يبعث الناس من القبور ليحاسبوا فيدخل المؤمنون الجنة ويدخل الكفار النار، أما الهندوس فيؤمنون بتقمص الأرواح حيث بعد موت الشخص يخلق من جديد كإنسان آخر"، وهكذا ترتبط فكرة تقمص الأرواح في أذهان المتلقين بنفي فكرة يوم القيامة والجنة والنار.

___________

- التظاهر بالوقوف مكان الخصم: مثلاً شخص يريد نشر إشاعة أن مقاتلي حماس يقتلون الأطفال الإسرائيليين، هل سيقول ذلك بشكل صريح ويهاجم حماس؟ ربما، لكنه في هذه الحالة مفضوح، يمكنه القيام بذلك بطريقة أخرى، وهي ادعاء دعمه لحماس فيقول: "لا أعلم لماذا يحزن الناس على الأطفال الإسرائيليين الذين تقتلهم حماس، ألم يكن عناصر الجيش الإسرائيلي يوماً أطفالاً قبل أن يصبحوا وحوشاً لا تعرف الرحمة؟ ماذا تتوقعون من أطفال إسرائيل؟ أيصير جرو الكلب إلا كلباً، هل عليهم أن ينتظروهم حتى يصبحوا قادرين على قتلهم وينتظروا المزيد من المجازر حتى يدافعوا عن أنفسهم؟ لم يفعل مقاتلو حماس إلا ما يجب فعله" أو مثلاً يبرر قتل الأطفال الإسرائيليين بأن الإسرائيليين يقتلون أطفال غزة، أو أي صياغة أخرى، وعندها سيكون واضحاً للمتلقي أنه حتى الداعمين لحماس يعترفون بقتلها للأطفال.

__________

- استغلال العدو المشترك لطرفين هذه العداوة للتفريق بينهما: مثلاً من المعروف أن هناك عداوة بين إسرائيل ومختلف الشعوب العربية، فيخرج مسؤول إسرائيلي ويقول: "الشعب المصري هو أرقى شعوب المنطقة ومن أرقى شعوب العالم، وقد أثبتت الدولة المصرية وفاءها لنا عبر الزمن ونتطلع لتوسيع علاقاتنا المميزة مع مصر وشعبها في المستقبل"، وهذا التصريح قد يسبب نوع من العداوة من قبل الشعوب العربية تجاه الشعب المصري، هذا الأسلوب ليس شديد التأثير حيث معظم الناس تستطيع اكتشاف الخدعة بسهولة لكن لا يخلو الأمر، هناك من يتأثر بهذا.

__________

- نشر معلومات مضللة باسم الخصم للإيهام ببطلان قضيته: مثلاً تم ارتكاب مجزرة في مكان ما في العالم، فيقوم مرتكبو المجزرة بنشر أخبار باسم الطرف الذي تم تنفيذ المجزرة بحقه، ويتم تضمين معلومات مغلوطة وجلب صور من نزاعات قديمة والادعاء بأنها حدثت في هذه المجزرة، عندها سيتم نقل المنشورات بسرعة حتى من قبل الذين تعرضوا للمجزرة وغالباً يكون النقل بنية حسنة لفضح الطرف المرتكب، بعد ذلك لجان التقصي ستنفي هذه البيانات وتظهر الأدلة والمصادر الأصلية للصور المنشورة، فيتوهم المجتمع بأن الطرف الذي يدعي تعرضه للمجزرة كاذب ويقوم بالتضليل وادعاء المظلومية، وحتى لو كان هناك توثيقات صحيحة لا يمكن الوثوق بها.

___________

- نشر خبر صحيح في وسيلة إعلامية كاذبة: مثلاً صفحة فيسبوك أو قناة تلفزيونية معروف عنها الكذب والتلفيق وتقبل النشر لمن يدفع، فيتم استغلال ذلك لتكذيب خبر ما ويتم نشر الخبر في هذه الصفحة أو القناة، فعندما ينتشر الخبر بطرق أخرى يتم الإشارة إلى أنه منشور هنا وأن هذه الصفحة أو القناة هي من نشرته.

___________

طبعاً ليس كل ما يبدو تضليلاً هو تضليل، قد يبدو أن الناشر يستخدم إحدى الخدع السابقة لكنه في الحقيقة يريد ما يقوله فعلاً، وقد يتم استغلال معرفة الناس بأساليب التضليل ليقال أن هذه الشخص يقوم بالتضليل بينما يكون الواقع غير ذلك.