انظر إلى نقائض المال وغراباته:
إنه لا يكون ذا قيمة إلا حين يغدق به، أي حين لا يعود مملوكًا!
وهو لا يقبل الشراكة دون انتقاص (مثلما يقبلها الصوت مثلًا والفكر والحب)، ولا يأتي لواحدٍ إلا بإفقار الآخرين.
وهو يُتخم ويؤلم إذا زاد عن الحاجة.
وهو لا ينفي العَوَز بل يؤجِّجه، ولا يسد الحاجةَ بل يخلق حاجاتٍ جديدةً تنبت إلى الوجود شيطانيًّا كرءوس الهيدر.٩
وهو لا يتحلَّى بخاصية طبيعية تمنعه من أن يُسلَب من أصحابه رغمًا عنهم.
وهو يصطحب تحت نيره بئس الرفيق: الخوف، التوجس، شبح اللص والقرصان وقاطع الطريق.
وهو يجعلك بحاجةٍ إلى عونٍ خارجي لكي تحميه، وبذلك تنعكس القضية وإذا بالثروة التي يرتجى منها أن تجعل المرء مكتفيًا بذاته قد «أحوَجَته» في الحقيقة إلى غيره!
وهو، فيما تَملِكه، فإنه بدوره يَرهَنك ويملكك ويحدد إقامتك؛ لكي تقوم على رعايته بدلًا من أن يقوم هو على رعايتك، إنه وحشٌ مسيخ: تُضَخِّمه فيقتلك، وتُسمنه فيأكلك، ويُفسد شفرتك ويحجِّر أوصالك على أرائك الكسل والدَّعة، ويُغشي عليك الصحبة ويجرد علاقاتك من هوية الحب ومن شروط الصداقة، ويحرمك من اختلاجة الشوق وهزَّة المنال وطبخة الجوع، إنه نفيٌ آخر يحرمك من أنس الحياة الطبيعية ويلقي بك في حياةٍ افتراضيةٍ اصطناعية موحشة.
«الطبيعة يكفيها القليل، أما الجشعُ فلا يُشبعه شيء»، الغِنَى أن تكون «غنيًّا عن» … «لا غنيًّا ﺑ».
كل ما فاض من مالك عن حاجتك الحقيقية وأمانك الفعلي فهو عبءٌ وهمٌّ ووسواس، وقيدٌ عبودي، وفقرٌ مقلوب.
التعليقات