في زمن يُمجّد الاستثناءات، صار الطبيعي باهتًا، والمجتهد ليس كافيًا. لم نعد نسمع إلا عن رواد الأعمال الذين صنعوا الملايين قبل الثلاثين، أو من تركوا وظائفهم ليؤسسوا شركات عالمية. لكن ما لا يُقال أن هؤلاء لا يمثلون أكثر من 1% من المجتمع.
خلق هذا الخطاب المتكرر شعورًا خفيًا بالفشل لدى الأغلبية، وأصبح الطالب المجتهد، والموظف المتقن لعمله، والأم التي تربي أبنائها على القيم وتمنحهم الاهتمام والرعاية، والمواطن الذين يحترم القانون.. يشعرون وكأنهم لم ينجحوا بما فيه الكفاية لمجرد أنهم لم يحققوا إنجازات استثنائية!
والحقيقة أن المجتمعات المستقرة والمزدهرة لا تكون إلا بإتقان الملايين هذه الأدوار "الأساسية". ولا يعني هذا ألا تتطلع إلى تحقيق نجاحات استثنائية عندما يتوفر لديك الوقت والقدرات الإضافية، شرط ألا تجعله المقياس الوحيد الذي تحدد بناءً عليه نجاحك في الحياة، فتُسبب لنفسك الضغط النفسي والإحساس بالفشل والإحباط وتفقد قيمة الإنجازات اليومية، وتهدر جميع جهودك وأدوارك التي تتقنها وتترك أثرك عليها.
الحل لا يكمن في التخلي عن الطموح، بل في التوازن، أن نُدرك أن النجاح ليس قالبًا، وأن السعي الدؤوب للتميز في الأدوار "الأساسية" وتبنّي طموحات واقعية تناسب الظروف والقدرات الفردية هو ما يجب علينا تحقيقه.
وبرأيي، النجاح هو الانسجام بين ما أؤمن به، وما أفعله كل يوم. كلما كنت قريبة من الشيء الذي أحبه وأجد فيه نفسي، كنت أكثر اتساقًا وتميزًا.
شاركني رأيك أيضًا، كيف تعرّف النجاح بمعاييرك أنت؟
التعليقات