في موسوعته "قصة الحضارة" يطرح الفيلسوف والمؤرخ ويل ديورانت في المجلد الأول نشأة الحضارة الإنسانية من الحياة البدائية إلى القبلية وغيرها، وفيها يقول إنَّ الحياة البدائية كانت اشتراكية باتفاق الجميع، بمعنى أن من يصطاد صيدًا كبيرًا فهو ملك لقبليته وجماعته، ولا يوجد ما يُسمى بالملك (الامتلاك) الشخصي، وهكذا بالنسبة إلى الأرض أو المقتنيات، على أن كل ذلك تغير باكتشاف الزراعة، فظهرت معها فكرة "الأحقية" فمثلًا من زرع أرضًا، وبذل مجهودًا، لا يمكن أن يتساوى بمن ينتظر الحصول على المحصول دون أي جهد، ومن هنا بدأت أفكار الملك للأراضي وغيرها، ومعها التنافسية بين الأفراد، فهم ليسوا سواسية في المجهود، فلا يمكن المساواة بينهم في الأرباح.
وهنا التساؤل، فالرأسمالية الآن توفر مساحة أكبر للتنافسية و"العدل" بمعنى أنه كلما بذل الفرد مجهودًا أكبر كانت له فرص أعلى في التقدير والحصول على مناصب عليا، ولذلك رأس مال أفضل، وفي الوقت نفسه المساواة بين الكفاءات غالبًا لن تكون عادلة لأي من الأطراف، ولكن في وجود التنافسية و"العدل الظاهري" نجد مساحات للوساطة والرشاوي والاستحقاقية للبعض دون الآخر، فيأتي هنا الجميع مطالبًا بالمساواة في طرح الفرص للجميع بنزاهة، وهنا يكون السؤال: هل هناك حلول لإيجاد حلقة وصل بين مكافأة الكفاءات الفردية والمساواة في الفرص وإتاحتها للجميع؟
التعليقات