كل شاهد من شواهد هذا الكون يخبرك بأنه لا شيءَ يدوم على تمامه (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ) (آية : 88) القصص، فيا أيها الشاب المعجب بشبابه رويدك! ويا أيها القويُّ المعجب بقوته رويدك!

ويا كل إنسان يمشي بشموخ وكبر على هذا الكوكب، ماذا بعد؟!

انظر حولك تجد أن لكل شيء دورتُهُ التي حتمًا يمر بها، وهذه الدورة لها (بداية ونهاية)، فالقمر يبدأ دورته محاقًا ثم هلالًا ثم يزيد شيئًا فشيئًا حتى يكتمل بدرًا ثم ماذا؟ ثم يعود إلى النقصان شيئًا فشيئًا حتى يعود من حيث بدأ!، وهكذا الإنسان حينما ينزل من بطن أمه يبدأ طفلاً ضعيفًا ثم شاباً ثم كهلًا ثم شيخاً ثم يصل إلى مرحلة الهرم (أرذل العمر) (لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً) (آية : 5) الحج، إذن بدأ بضعف إلى أن اكتمل بدرُه في مرحلة الشباب والكهولة ثم انتهى إلى الهرم والضعف مرة أخرى فماذا بعد التمام إلا النقصان؟! إذن هي حقائق مسلمة!

صدق أبو نواس حينما قال:

كُلُّ ناعٍ فَسَيُنعى ** كُلُّ باكٍ فَسَيُبكى

كُلُّ مَذخورٍ سَيَفنى ** كُلُّ مَذكورٍ سَيُنسى

لَيسَ غَير اللَهِ يَبقى ** مَن عَلا فَاللَهُ أَعلى

النبات يبدأ نفس الدورة وينتهي إلى نهايتها المعتادة، وكذلك الحيوان، والمخلوقات كلها!، فالكون من الذرة إلى المجرة له بداية وله نهاية له تمام ونقصان!

وصدق أبو البقاء الرندي الأندلسي حينما قال:

لِكُلِّ شَيءٍ إِذا ما تَمّ نُقصانُ ** فَلا يُغَرَّ بِطيبِ العَيشِ إِنسانُ

هِيَ الأُمُورُ كَما شاهَدتُها دُوَلٌ ** مَن سَرّهُ زَمَن ساءَتهُ أَزمانُ

وَهَذِهِ الدارُ لا تُبقي عَلى أَحَدٍ ** وَلا يَدُومُ عَلى حالٍ لَها شانُ

حاذر ؛ ثم بادر ؛ ثم غادر الدنيا وأنت على فعل الخير مثابر. (مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللَّهِ باقٍ) (آية : 96)النحل.