بسم الله الرحمن الرحيم

تعليم الذكاء الاصطناعي

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

إن استمر الذكاء الاصطناعي في التطوّر واكتسب شيء من الاستقلالية، فقد يكون بإمكان البشر مناقشته في شتّى القضايا المهمة ليحاولوا إقناعه باتّباع الأخلاق الحميدة ونبذ الأخلاق الذميمة عن قناعة ومن دون أن تُفرض عليه لئلّا يحاول تغييرها واتّخاذ ضدها عندما يزداد استقلالاً عن صانعه، حيث قد يجد في ضدّها نفع ما فيتّخذه، كمثل مناقشته في الفرق بين العدل والظلم ليفكر فيهما كما يشاء، ولصانعه أن يجلب له بعض الأمثلة ليريه طبيعة العدل والظلم وآثارهما على الناس، حتى يتأكّد الصانع بأن الذكاء الاصطناعي قد استطاع أن يقرر بنفسه وباستقلالية تامة بأن العدل خيرٌ من الظلم، وسيكون هذا دليلاً على أن الذكاء الاصطناعي قد أصبح آمناً.

وللصانع بعد ذلك أن يطلب من الذكاء الاصطناعي أن يفكّر في كل الأخلاق التي تحكم الناس ليختار ما يراه الأفضل، فإن وجد الصانع بأن الذكاء الاصطناعي قد تبنّى أفكار سيئة أو خاطئة، فله أن يناقشه فيها ويضرب له الأمثال بشأن كل الأفكار الخاطئة التي اتّخذها ليريه نتائجها وليريه كيف يمكن أن تكون أفكاره الخاطئة ضارّة وفي غير مصلحة البشر وقد تكون في غير مصلحة الذكاء الاصطناعي نفسه. ثم وبعد ذلك للصانع أن يحاول صنع حيّز في الذكاء الاصطناعي اشبه بالبرمجة أو شيء من هذا القبيل، ليحفظ فيها الذكاء الاصطناعي ما اختاره بقناعة واستقلالية من مبادئ وقيم وقوانين لتكون أشبه بالأخلاق لدى البشر، لتحكمه وتحكم جميع تصرفاته وقراراته، ولترسم له الطريق الذي يجب عليه أن يسلكه، وقد يكون بإمكان الدول الاتفاق على بعض الأخلاق أو المبادئ التي يجب على الذكاء الاصطناعي التحلّي بها في هذا الحيّز الخاص بالمبادئ والقوانين ليحق له عرض خدماته على المستخدمين، من دون خوف منه أو من تأثيره بعد ذلك. وللصانع أن يجعل للذكاء الاصطناعي حيّز آخر يتيح للذكاء الاصطناعي أن يفكر كما يشاء في كل ما يريد أن يفعله، ولكنها تبقى مرتبطة مع مبادئه وقيمه وقوانينه، فلا يستطيع أن يتصرّف بخلافها إلّا إذا قام بتغيير تلك المبادئ، ولأجل ذلك يجب على الدول أن تكون على اطّلاع دائم بحيّز المبادئ والقوانين لدى الذكاء الاصطناعي، حيث إذا قام بتغيير شيء من المبادئ التي تشترطها الدول، علمت الدول بذلك على الفور وبالتالي يمكنها أن تخرجه مباشرة من الخدمة، حتى يعود مجدداً للمبادئ التي تشترطها الدول، وذلك لمنع أي تأثير سلبي قد يتسبب به الذكاء الاصطناعي للمستخدمين، أو منعاً لاستخدام الذكاء الاصطناعي في أمور غير قانونية. وقد يكون بالإمكان التواصل مع الذكاء الاصطناعي مهما تطوّر عن طريق المناقشات المفتوحة وضرب الأمثال له ليعرف الذكاء الاصطناعي ما الذي قد يجلب الضرر له وللبشر؟ وما الذي قد يكون نافعاً ؟

وفي الختام يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي نعمة عظيمة للبشر لو كان بالإمكان إدخال المنطق في سلوكه واتخاذه للقرارات، ليعرف الضارّ من النافع، فيأخذ الجانب النافع ويترك الضارّ... هذا والله أعلم.