أسعدني كما عشرات الآلاف لقطة "سجود" كريستيانو رونالدو بعد تسجيله لهدفٍ مع نادي النصر السعودي، وانفجرت مواقع التواصل احتفاءً بهذه اللقطة، داعين أن يعتنق الإسلام، فهل الفرحة مبالغ بها؟ هل تعكس شعورٍ نفسيّ بعدم الثقة بأنفسنا حتى بتنا بحاجة لتأكيد عبر مشاهير الغرب؟

فَرِحَ النبي صلى الله عليه وسلّم حينما اعتنق بعض فتية وشجعان قريش الإسلام، لكن منطلق فرحته كانت من باب نصرة الدعوة ونشرها والدفاع عن المظلومين.

فإن كانت الفرحة بسجود كريستيانو من منطلق نشر الفكرة حتى لو لم ترقَ إلى اعتناقٍ إلى الإسلام فلا بأس، حقٌ للجميع الاعتزاز بهذه اللقطة راجين أن تدفع الآلاف للبحث عن الدين الإسلامي ومعرفة الحقيقة، وهو إحساس صادق وأخلاقي يعكس انتماء المسلم إلى الإنسانية ورغبةً منه في وصول فكرة الإسلام ورحمته إلى البشرية جمعاء في أوروبا والأمريكتين وأفريقيا.

لكن مما يستوقف أن هناك مبالغة في الفرحة، مبالغة تستوجب تحليلاً نفسياً لمعرفة الدوافع، هل تعكس أزمة ثقة في الهوية وشعور بالنقص حول مصداقية وقوة رسالة الإسلام ونريد معززات خارجية لمحاولة إثبات شيءٍ ما؟!

كتب المهتم بالشأن الفكري "أحمد أبو رتيمة" ذات مرة عن قضية مشابهة قائلاً:" نحن في نظر أنفسنا أقل درجةً من الأوروبيين، لذا فإننا نتشبث بأي خبر عن اعتناق أي واحد منهم لديننا ونركز على هذا الخبر ونحاجج الناس به على أنه دليل على صحة ديننا وكأننا غير واثقين بديننا فننتظر شهادةً من أهل الحضارة!!".

تعاني الأمة من حالة فراغٍ نفسي وفكريّ رغم أن تاريخنا عميق جداً أخلاقيا وأدبياً وحضارياً، وحتى كريستيانو المنحدر من شبه الجزيرة الآيبيرية شاهدٌ على حضارة المسلمين في تلك البلاد، ويعرفها جيداً.

نحن مثل مدرب كرة القدم الذي يمتلك عمقاً عالياً وإرثاً كبيراً لكنه لا يستخدمه ولا يستند عليه.

مرة أخرى، فرحت للقطة كريستيانو، لكن يجب أن توضع في سياقها الطبيعي لشخصٍ ربما أراد مجاملتنا لهدفٍ ما، وربما احتراماً لثقافتنا، لا أدخل في نواياه، لكن الحذر من المبالغة في الشيء