يختزل معظم الناس مسائل العادات والتقاليد والأعراف تحت مِظلّة الأخلاق دون تبيين. فالحرام والعيب واحد والفضيلة والواجب لهما نفس المرتبة. لا أعلم بالضبط متى انعطف المجتمع تاريخياً ليختزل كل فعل وقول أيّاً كان مصدره تحت المِظلّة الاخلاقية التي يَحرُم النقاش فيها. 

لا زلت اذكر كيف ان رجلاً كاد ان يهشِم عظام ابنه بسبب خطأٍ ارتكبه امام أحد ضيوفه، خطأٌ يتعلّق بعادةٍ اجتماعيه تختلف من بلد إلى بلد ومن قبيلة إلى قبيلة وكيف ان هذا الرجل نفسه لم يأبه لابنه حين كذب على ضيفه ونجا بكذبتة. هل هان على هذا الرجل ربّه وعز عنده ضيفه ؟ أجزِم ان الجواب لا؛ فالمسألة هنا تتعلّق بالأولويات التي رُبينا ونشأنا عليها. ان الحدود التي تفصل بين ما هو واجبٌ بالشرع وواجبٌ بالعرف فُقد مع مرور الزمن، بل وعند الكثير؛ ارتفعت مرتبة العرف بمراحل فوق مرتبة الشرع دون قصد منهم.

اكرامُ الضيفِ واجب، هذا مما لا خلاف فيه، ولكنَّ الطريقة التي تُكرمه بها تختلف بين الناس. اعانة الناس فضيلة وأي فضيلة، ولكن ماذا لو كانت اعانته فيها ظلمٌ لأحدهم ؟! ان كنت تظن ان هذه المسألة بالذات لا يمكن ان تحدث وان حدثت فهي حالةٌ نادره، فأنت للاسف مخطئ. إن الافعال والاقوال التي تُنتج "ما يظنه" المجتمع عيباً لها مكانةٌ عليا تتجاوز كل حكم شرعي. لا ابالغ فيما اقول. 

بل ان من التصرّفات ما يكون لها حكم شرعي سلبي - حرام ، مكروه ، غير جائز - ولكن بعض الناس لا يترفّع عنها لحكمها الشرعي، بل لارتباطها بما يعيبه امام مجتمعه. 

ان للأصول الاخلاقية الدينية اولويّةً مهمّة لا ينبغي ان تعلو عليها أي عادة نسبية.