هيَ ليست فتاةً كـ بقيةِ الفتيات!🤍
_مُدت أشعة الشمس الذهبية خيوطها اللامعة في ذاكَ اليوم الصديح بالأشغال الريفية على شرفاتِ ذاكَ الريفِ، لتداعب الأشجار، والأحجار والأطفال وتدفئُ برودتها لدرجةِ الإحمرار .
_ لم يكن ريفها جزيرةً تُحاوطها الأشجار الباسقة، ويعانقَ أمواجَ البحر ممراتهِ الجبلية، ليعادل حرارةَ الشمس القارسةِ في قريتها !
_ولم تكن حرارةُ الشمس عائقَ لمنعها من الخروج لذلكَ الجبال المكسوة بالخضَار الفاقع، في قلبِ ريفها العتيق فظلت كُل صباح بعدَ تقبيل الفجر ليومها، تراودَ الجبال عبرَ الطُرقات الضيقة المرصوفة بالأحجار والأشجار، القريبةَ منْ أراضيهم
لتبدأ رحلتها بالأرضِ الذي أعتدت رؤية بهجتهِ، وسماعَ ترنيمةِ سعادتهِ، كُل صباح تأتي إليهِ وتتناغمُ بالعملِ فيهِ كما اعتادتْ
وحينِ تعلنُ الشمس إيقاعَ ظهِيرتها الحارقةَ، تنسابَ تلكَ الحسناءِ على حافةِ الأرضِ وتنحني بهدوءِ لتحملِ عُشبها ثمَ تنساقُ جهةَ الضفةِ الغربيةِ صوبَ منزلها التقليديِ ،وعندما وصلت حوشُ منزلها، وضعتْ العُشب في زاويةٍ يتسللهَ الدفءُ والظل البارد فألقت بنفسها مستريحةً وتروي عطشها بذلك الماء البارد، لتهدئ حرقةَ جسمها منْ شمسِ الظهيرةِ القاسيةِ
وتقف أمامَ مدخلِ دارها وعيناها معلقتانِ على بابِ المطبخ، وتحول بصرها على كافةِ الأرجاء، زفرت تنهيدةً تحاكي تعبَ أعمالِ الأرضِ، مختلطةً برائحةِ الحنينِ لعائلتها البعيدةِ
_وبعدَ انتهاءها من تناول الإفطار والغداءِ في آنٍ واحد أخذت تخطو خطواتٍ متأنيةً نحوَ غرفتها الصغيرةِ لتغير منْ ملابسها وتبدأُ بطقوسِ صلاةِ الظهرِ، أخرجت مصحفها وألقت بنفسها على باحةِ غرفتها المفروشة وأخذتْ تتلو وردها القرآنيَ، المواظبَ تلاوتهُ كُل مساءٍ، وما يميزُ الحسناءَ عنْ بقيةِ الفتياتِ إنها لمْ تفكرْ أوْ لا تُريد أنْ تفكر بالروتين العصري، لكلِ أنثى بصيحاتِ الموضةِ والأناقةِ، ومساحيقُ الجمال، أوْ بالأحرِ لا ترغبُ بتلوينِ بشرتها أوْ تجيدُ التفننَ فيهَ كما تجيد هوايةَ أعمالِ المنزل، ولمْ تكن روحُ البساطةِ أوْ القناعةِ تنقصُ شيءَ منْ سحرِ جمالها الفاتن، ولا زالتْ الأصواتُ القادمةُ منْ المسجدِ تطرقَ مسامعها بينَ الفينةِ والأخرى معلنةً عنْ أذان المغربِ وتخرجها منْ جولتها في القراءةِ والتأمل البديهي، اجتازت غرفتها تجر وشاحها وتعيدُ ترتيبَ خصلاتِ شعرها المتمردةَ منْ تحتِ حجابها، فتأخذها قدمتها لإكمال مراسيم الأذكار والصلاةِ وثمَ تنطلق بجولةٍ ممتعةٍ بمحادثةِ عائلتها ولمْ تتم الساعةُ التاسعةُ مساءً إلا والحسناءُ غارقةٌ بنومها وما يوحي بذلكَ غرقها في نومها الثقيل
_هذهِ حياةُ الحسناءِ ابنةَ الريفِ، ترسمَ الحياةُ منْ العفويةِ الهدوءَ ومدينةَ الأحلام وقصر الطموح
_هيَ ليستْ كبقيةِ الفتياتِ، هيَ بعين قلبي استثناءٍ عنْ كل تيارٍ يجر الفتياتِ خلفهُ، هيَ حسناءُ، وحسنها لا تضاهي حسنهُ أنثى !
بقلم _فكري محمد الخالد