ما هي العبودية ؟

العُبُودِيَّة أو الرِّق، هو باختصار مصطلح يشير إلى حالة إمتلاك شخص لشخص آخر ويطلق على المالك إسم السيد وعلى المملوك إسم العبد.

بداية العبودية في روما القديمة

بدأت ظهور العبودية في روما القديمة في القرن الأول قبل الميلاد، حين أصدر الإمبراطور الروماني المؤسس قانون يعطي الحق للآباء ببيع أطفالهم كعبيد واستمرت تجارة العبيد بالنمو مع تزايد حجم الإمبراطورية الرومانية واعتبر القانون الروماني العبد كملكية خاصة للمالك ولا حقوق له.

مصادر العبيد

مصادر العبيد الأساسية اعتمدت على الحروب وبيع الأطفال في سوق الرقيق، ظهرت أيضًا أشكال أخرى للعبودية كالعبودية خلال الديون وهو نوع يرهن به الشخص نفسه لاقتراض مبلغ مالي معين ويتحول الشخص لعبد في حالة عدم السداد قبل المدة المتفق عليها.

كيف كانت حياة العبيد؟ واعتمادية الاقتصاد على العبودية

حين تفكر في "العبد"، يتبادر إلى ذهنك شخص يعمل في حقل واسع تحت شمس حارقة، أو يعمل في منجم، وكانت هذه بالفعل حالة كثير من العبيد، لكن ليس جميعهم.

تولى العبيد كثير من الأعمال التي تتطلب حرفة وخبرة، كالأطباء والمحاسبين والممرضين، وقد كان من الشائع للأرستقراطين تعيين عبد لتعليم أولادهم وكان لهذا النوع فرصة أكبر للتحر

اعتمد الاقتصاد الروماني على العبودية بشكل كامل وقد وصف أحد الكتب الرومانية عن الزراعة العبيد "كأدوات متكلمة" واحتاج ملاك الأراضي الكبيرة إلى عمالة ضخمة من العبيد.

وصل عدد العبيد في روما القديمة إلى حوالي 15 مليون عبدًا في القرن الأول الميلادي .

كيف كانت أسواق العبيد ؟

إذا دخلت إلى سوق للعبيد في روما ستقع عينياك على رجال ونساء (غالبًا مجردين من ملابسهم وربما كانو عائلة من أب وأم واطفالهم) يرتدون لافتة مكتوب عليها معلومات أساسية كالعمر والصحة والتعليم والأصل والحرفة السابقة، وهي معلومات أساسية تساعدك على شراء العبد الأفضل لإحتياجاتك. على سبيل المثال أراد ملاك الأراضي عبيدًا اقوياء من الرجال ليستطيعو تحمل العمل الشاق في الحقول والمناجم، وأراد البعض عبيدَا متعلمين من أصول إغريقية ليولوهم مهمة تعليم أولادهم، وقد كلف العبيد الشباب أكثر من العبيد الأطفال. وكان الزبون الروماني واعيًا تمامًا بنوع العبد الذي يود شراءه، بل وكانت هناك ضمانة لست شهور يُسمح فيها بإعادة العبد واسترجاع ثمنه إذا ظهر فيه عيب ما، أو لم يرضى الزبون عن ادائه.

باع يوليوس قيصر شعبًا كاملًا كعبيد، ما لا يقل عن 53 ألف شخصًأ لتجار العبيد.

الفلاسفة عن العبودية في روما القديمة 

ربما سألت نفسك: هل اعترض الفلاسفة على اي من هذا ؟ ما كان موقف مؤسسي الفكر الغربي عن تلك المنظومة ؟ 

ولنبدأ بسينيكا كممثل للروقية، لم يرفض سينيكا العبودية على الإطلاق، بل وكان من ملاك العبيد نفسه ولكنه كتب في رسالته رقم 47 من رسائله إلى لوسيليم عن حسن معاملة العبيد 

[ يقول الناس " إنهم عبيد"، لا، إنهم بشر. يقولون مجددًا "إنهم عبيد" لكنهم يشاركوننا نفس الأسقف، ويقولون مجددًا "إنهم عبيد"، لا إنهم اصدقاؤنا المتواضعون. ومجددًأ "إنهم عبيد"، إنهم إخوتنا العبيد. تدرك ذلك حين ترى أن للثروة نفس السلطة التي لنا عليهم]

بدأ سينيكا رسالته عن العبيد بتلك المقدمة، والتي يتضح منها رفضه لمعاملة العبيد بسوء، وعلى الرغم من ذلك لم يبدي إي رفض عن الفكرة.

بالنسبة لماركوس أوريليوس كان من الفلاسفة الرواقية وجزء من فلسفته أن لكل رجل واجباته تجاه نفسه وواحباته تجاه عموم الناس، واجبه هو كان إمبراطور روما، وللعبد أيضًا واجباته الغير محددة، تضمنت واجبات ماركوس تجاه الناس عبيده، فرفض معاملتهم بسوء بل ودعاهم كجزء من عائلته، ولكن لم يبد هو الآخر أي رفض للمنظومة.

لم يبد أي من الفلاسفة الرومان أو اليونان إعتراض على العبودية كمنظومة بل وكان أغلبهم من ملاك العبيد حتى أن ارسطو أدعى أن بعض الرجال كانوا "عبيدًا بالفطرة".

العبودية بالنسبة للمسيحين الأوائل 

كان للعبد نفس المكانة لدى سيده لكن فقط في الكنيسة، حيث لم يعترض أي منهم ايضًا على العبودية بذاتها بل على سوء المعاملة .

الوحيد الذي رفض العبودية بذاتها كان القديس غريغوريوس النيسي، كان قديسًا ظهر في أواخر القرن الرابع الميلادي ولم يبد فقط رفضه للمنظومة بل وحاربها، لكن كيف أستطاع أن يلحظ إنعدام أخلاقية المنظومة رغم رؤيتها كشئ طبيعي في نظر العامة لمدة طويلة ؟

أسس غريغوريوس أطروحته على أساس فلسفي متفق عليه، وهو أن كلًا من العبد والسيد متساويان في نظر الرب، وهذا الأساس متفق عليه حتى من قبل ملاك العبيد نفسهم، لكنه أخذ الأطروحة لأبعد من ذلك.

بما أن العبد والسيد متساويان في أعين الرب، إذًا فمن المنطقي استنتاج أن إمتلاك رجل لرجل إخر هو أمر غير أخلاقي في نظر الرب مما يجعله غير أخلاقي في نظر أي مسيحي مؤمن بحق.

ولم تأخذ الكنيسة أطروحته بعين الأعتبار في ذلك الوقت، بل أخذ الأمر 1500 سنة بعد موته حتى بدأ المسيحيين بالأعتراض على العبودية.

انهيار الإمبراطورية ومنظومة العبودية 

لا شك أن منظومة العبودية كانت من اسوء أفعال الحضارة البشرية، العمل تحت ظروف غير آدمية الإعتداء والإستغلال الجنسي أن يؤخذ طفل من أسرته ليعمل في ظروف شاقة ويتم ضربه وإهانته والإعتداء عليه، إنها وصمة عار في تاريخ البشرية نتمنى لو أستطعنا محوها.

كانت روما معتمدة بالكامل على العبيد لنظامها الأقتصادي تنتهي العبودية أبدًا بشكل رسمي في الحضارة الرمانية بل ضعفت المنظومة بالتدريج وطالب العبيد بحقوقهم بعد ضعف وانهيار الإمبراطورية الرومانية.