هل تحب المرأة الرجل لذاته وصفاته ..؟
هل يحب الرجل المرأة لذاتها وصفاتها ..؟
لنذهب بعيدًا عن كل آراء الفلاسفة عن الحُبّ، ونتعامل مع الحب بجدية وموضوعية ونضعه تحت اختبار دقيقٍ وفحصٍ شاملٍ ونحصره بين سؤالين :
ماذا نحب ومن نحب …؟
هل نُحِبّ الشخصَ كذات أمْ نُحِبّ الشخص كصفات ؟
عندما تقول لشخص " أحبك " فقد وضعت الحب في موقف حرج ووضعت نفسك في مأزق ..
كيف ذلك ..؟
حين تسأل هذا المُحِبّ، لماذا تحبُّ هذا الشخص؟ غالبًا ما يجيبُ بالصفات والمزايا التي جذبتهُ إليه؛ كاهتمامه الدائمُ به، طيبةُ قلبه، وجمالُهُ، وأخلاقُهُ أو طريقةُ حديثِه إلخ..
ألا يعني هذا بأنك أحببت تلك المزايا فيه وليسَ الشخص نفسه مُطلقًا؟ أنت تدعي بأنك تحب الشخص نفسه ولكن في الحقيقة ما جذبك للشخص هو مَجموعةُ صفاتٍ معيّنة يتّصف بها.
وهنا المصيبة …!!!
لو أحببنا الشخص لصفاته فهذا يهدّدُ استمرارية حبّنا لهذا الشّخص؛ لأنّ هذا يعني بأنّه سيكونُ قابلًا للاستبدال بشخصٍ آخر يَمْلِكُ صفاتٍ مطابقةً لصفاته أو أفضل ..
لذلك عندما تسأل أحدهم: لماذا تحبُّني أو ما الذي حبَّبّكَ في ذاتي ؟ تبدأ في الاستماع لأكاذيب بيضاء لتغطية العجز عن الاجابة ، فلا يعرف الشخص كيف يجيبك عن السؤال بشكلٍ صريحٍ ومباشر، لأن هناك أسبابًا منفعيّة لا يستطيع أي طرف قولها ..
قد يكون الدافع ليس الحب بل الرغبات المكبوتة ( كبت جنسي ) وهنا نتعامل مع ظاهرة العلاقات الفاشلة التي سرعان ما تنتهي بمجرد الشبع أو باكتشاف أحد الطرفين، أو كلاهما،
يرى نيتشه : ( تجريد الحب من مكانته المتميزة، وإثبات أن ما نتصوره هو نقيضه، مثل الأنانية والجشع. فالحب هو غريزة بدافع بيولوجي مدعوم ثقافيًا، و هو قريب من الجشع وشهوة الامتلاك .الحب قد يكون التعبير الأكثر براعة للأنانية.)
ولذلك قال الله تعالى مودة ورحمة وليس شغفًا وحبًا:
( وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍۢ لِّقَوْمٍۢ يَتَفَكَّرُونَ ) الروم-21
بل ذكر الله لنا أن الدافع الجنسي أساس خفي في عملية الحب حيث قال عن امرأة العزيز :
وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ ۖ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا ۖ إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (30)يوسف
امرأة العزيز رأت في نبي الله يوسف (صفات) لم تراها في غيره وبما أنها تملكه مسبقًا فقد دفعتها الشهوة الى حبه بشغف ، ولن ينطفئ شغفها ويبرد حبها له حتى يرضخ لها ولو بالقوة و التهديد بالسجن..
ومن غير المنطقي أنْ تحب شخصًا بدون سببٍ سواءً كان ذلك السبب واضحًا بالنسبة لنا أمْ غامضًا، وإلا لكانَ فعل الحبّ عشوائيَّا واعتباطيًّا، لا بد أن يكون في هذا الشخص شيءٌ ما لامسك أو جذبك نحوه بطريقةٍ أو بأخرى، أو أنّه يمنحك شعورًا خاصًا لا يمنحه لك الآخرون.
التعليقات