في هذه الفترة ن حياتي أصبحت أتمنى لو أني كنت غير مثقف ذو معرفة سطحية كما هو حال من هم بمثل عمري، إنني أعاني عدم مقدرتي على الدراسة ليس لكسل مني أو لكرهي للعلم والمعرفة وإنما لأني معارفي أكثر من مؤلف الكتاب المدرسي! عند قراءتي لنص الكتاب أجده ذا أسلوب ركيك، غير مترابط، ولغة ضعيفة؛ لدرجة أني لا أستطيع إنهاء فقرة لشدة سوئه. ولو تغافلت عن هذا للنظر لمحتوى الكتاب سأجد معلومات خاطئة أو قديمة بل وأحيانًا تدل على سوء فهم المؤلف للمعلومة!

بدأت بالتعلم والقراءة في مرحلة مبكرة من عمري، وما لاحظته خلال 11 عشر سنة من المدرسة أني كلما تثقفت وقرأت أكثر كلما إنخفض مستواي الدراسي! أي كما يقال في الرياضيات العلاقة طردية.

برأيك عندما ترى نفسك قادرًا على كتابة نص أجود وأرقى مما أنت مجبر على حفظه، فهل ستكون قادرًا على ذلك؟ إضافة لتغير أفكارك التي ورثتها من مجتمعك كتقديس وظيفة المهندس والطبيب، وتقديس المال، أو الدين السائد في المجتمع فأنا مجبر الآن على حفظ نصوص دين لا أدين به! ...إلخ

لذا أصبحت مؤخرًا أنظر لصديقي الذي حسبما أعرفه لم يجرب قراءة كتاب في حياته، نظرة حسد وأتمنى أن أكون مثله! فهو يعامل النص المدرسي ككتاب منزل من السماء لا تشوبه شائبة ويحفظه كحفظ الحجر لما يحمل من نصوص.

ومؤخرًا أصبحت أسائل نفسي لو عاد بي الزمن حيث بدأ هذا كله، عندما تم إهدائي رواية البؤساء هل كنت سآخذها وأقرها أم أرميها وأؤجل كل هذا لما بعد الدراسة أي في عمر الثامنة عشر عندما أدخل الجامعة؟ هذا ما لا أستطيع الإجابة عليه.

ولكون ذلك مرتبط بمن يطلب مني النصائح، فأنا في حيرة هل أنصحه أن يؤجل أمر القراءة لفترة الجامعة أم يقرأ الآن وأكون قد ورطته في مصيبة عظيمة تؤدي لإنخفاض مستواه الدراسي كما حدث معي!