لديّ يقين تام بأن الكمال البشري لا وجود له.فلا يوجد على وجه الأرض من هو كامل، فالكمال لله تعالى وحده.

فلماذا إذا نبذل كل الجهد لبلوغ ذلك الكمال المزعوم ؟ هل ظناً منا أن بلوغ الكمال والمثالية سيصل بنا إلى حيث سعادتنا ؟ ولكن نظرياً فإنه من المرجح أن السعي الدائم وراء الكمال يزيد الشعور بالسوء..! هذا لأنه لتحقيق الكمال ينبغي على الإنسان أن يلتزم بمعايير عالية وشبه مستحيلة، وهذا يجعله تحت ضغط دائم وهذه الحالة ستؤدي إلى القلق والاكتئاب حتماً.

فالسعى الدائم وراء الكمال في الحقيقة قد يشتت صاحبه عن أهدافه. هذا بسبب الخوف، الخوف من عدم تحقيق غايته، فهذا الخوف سيزيد من مشاعر القلق والاكتئاب ويؤدي إلى التسويف والعديد من العوامل التى تعيق تقدمه. كما أنه يؤثر على علاقاتنا سلباً، حيث أن الحاجة إلى الكمال هو القناع الذي نرتديه لحماية أنفسنا من الدخول في علاقات حقيقية ويمنعنا من التواصل، لأنه من المستحيل تحقيق هذا الكمال.

يبقى أن نعرف أن حالة السعي نحو الكمال حالة بشرية توقف عندها العلماء كثيراً، وحددت الدراسات العلمية أن هناك ثلاثة أوجه رئيسية للكمالية، فالوجه الأول هو الكمالية الذاتية ،وفيها يضع الشخص توقعات عالية لأدائه في شتى مسارات حياته، ويتوقع النجاح في كل خطوة بحياته، وهذا ما لا يحدث عادة على أرض الواقع، فيصاب بالإحباط والقلق والتوتر خلال أداء جميع مهامه. والوجه الثاني، الكمال الموجه نحو الآخرين، وهذا يحدث عندما نتوقع المثالية من الآخرين، وهذا سيؤثر بالسلب على علاقاتنا بكل تأكيد. أما الوجه الثالث فهو الكمال الموجه تجاه المجتمع، وهو توقّع رضا الناس و حبهم.

ماذا عنكم؟؟ هل تسعون نحو المثالية والكمال؟ وما تأثير ذلك على علاقاتكم وحياتكم؟