هكذا حدد رواد النظريات النقدية على مر العصور، مهمة النقد ووظيفته الأولى، وربما الأخيرة!

فالنقد - بمختلف فروعه، الفني، والأدبي، والاجتماعي، والفلسفي، وغيره من الفروع- يهدف إلى تقويم عمل أو شيء أو فكرة ما، وفق معايير محددة يتم من خلالها ذلك التقويم.

وبالرغم من أن الإبداع قد لا يمكن قياسه بمعايير ثابته حازمة دائما، حيث أن الحكم على جمال الأعمال الأدبية والفنية غالبا ما يقوم على التذوق الوجداني في المقام الأول، ثم الوعي العقلي بفكرة العمل.

إلا أن الحكم النقدي لا يمكن أن يصدر حسب الأهواء دون معيار أو مقياس نحتكم إليه ونستشهد به لإثبات صحة مقولاتنا النقدية، حيث يأتي هذا الحكم وفقا لما تعارف عليه المبدع والناقد من معايير سابقة، ُيلزم المبدع بأخذها بعين الاعتبار عند إنتاج أعماله الإبداعية، ويتخذها الناقد معيارا يحكم به على ما أنتجه هذا المبدع. 

ودون إلتزام الناقد بتلك المعايير، سيصبح نقده مجرد وجهة نظر قائمة على الذوق الشخصي، أبعد ما تكون عن النقد الموضوعي.

وإن كان للنقد قواعد، وشروط يجب الإلتزام بها، فشخصية الناقد أيضا يجب أن تتوافر بها بعض السمات، ومن أهمها:

- الموهبة النقدية: والتي يستطيع الناقد من خلالها أن يُقدِّر الأشياء تقديرا صحيحا؛ فيميز العمل الجيد من العمل الرديء. 

- الأهلية العلمية والكفاءة: وذلك بأن يتخصص الناقد بنقد الأعمال في مجال تخصصه، مع امتلاكه لثقافة واسعة في مختلف الميادين؛ تؤهله لإعطاء رأيه بكل ثقة. 

- الموضوعية والإنصاف: بأن يصدر الناقد أحكامه بكل شفافية ونزاهة بعيدا عن الهوى والتعصب؛ وذلك بأن يعلل أحكامه ويفسر رأيه بناء على أسس ومعايير موضوعية غير خاضعة لعاطفته أو ميوله الشخصية؛ فلا يصدر حكمه لكي يحابي أحدا، أو من أجل أن يقلل من قيمة أحد.

- التزام قواعد الأدب: حيث يجب أن يكون النقد بعيدا عن الإساءة للأشخاص؛ فالنقد يوجه للفكرة أو العمل، دون إيذاء أو تجريح المخالفين في الرأي حتى وإن كانوا مخطئين من وجهة نظرنا.

والآن إذا ما إلتفتنا إلى واقعنا النقدي بكل مجالاته، بداية من نقدنا لأبسط الممارسات اليومية، وصولا لنقد المنتجات الأكثر عمقا وتعقيدا، فماذا سنلاحظ...

كنقاد، هل تراعون فعلا تلك الشروط والسمات؟

وكمبدعين، إلى أي مدى تتقبلون النقد وفق هذه الشروط؟