في السنوات القليلة الماضية كان التركيز على التحرش الجنسي بالنساء والأطفال والعنف الرقمي محور اهتمام العديد من وسائل الاعلام خاصة مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت في متناول الجميع، وأصبحت تتيح إمكانية تكوين جهات اتصال جديدة بأسرع وقت ممكن، وتجعل جمع المعلومات أو تبادلها أمرا سهلا، التحرش الجنسي ليس موضوعا جديدا بل منتشر في كل مكان منذ فترة طويلة ويتم مناقشته في المجال الإعلامي والسياسي والبحث العلمي وغيرهم، وقد أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي توفر مساحة وإطار عمل جديدين للتحرش الجنسي، فهي تساعد على عدم الكشف عن الهوية ولا تجبر على المواجهة واتخاذ موقف بشكل مباشر من خلال إخفاء الهوية والمرونة والوصول السريع إلى العديد من الأشخاص، الأمر الذي تسبب في رفع التحرش الجنسي إلى مستوى آخر وهو المستوى الرقمي من خلال توفير هذه المساحة للأشخاص ذوي النوايا السيئة حيث يتمتع مرتكبو التحرش الجنسي بوظيفة سهلة على الإنترنت، ويلخص القانون العام لتكافؤ الفرص التحرش الجنسي بأنه سلوكا جنسيا غير مرغوب فيه، من أفعال ومكالمات ومرفق سمعي بصري للصور الإباحية وكل محتوى جنسي يهدف أو يتسبب في خدش كرامة الشخص المعني الذي سيتم انتهاكه، لا سيما إذا نشأت بيئة تتسم بالترهيب أو العداء أو الإذلال أو التحقير أو الإهانة بين المتحرش والمتحرش به، ومع هذا يعتبر العديد من الشباب التحرش الجنسي الرقمي أمرا طبيعيا لأنهم يرون الإنترنت كمساحة لا توجد فيها حقوق ويعتقدون أنه ليس لديهم خيارات لاتخاذ إجراءات ضد التحرش الجنسي، ويقللون من شأن هذه الحوادث على الرغم من أن التحرش الجنسي غير مقبول بغض النظر عما إذا كان تمثيليا أو رقميا، ويعتبر التحرش الجنسي مشكلة تؤثر على الكثيرين، بغض النظر أيضا ما إذا كانت مثل هذه الهجمات تحدث بطريقة تناظرية أو رقمية فهي دائما مهينة ومؤلمة للمتضررين وخصوصا عندما يتعلق الأمر بالتحرش الجنسي الذي يحدث على وسائل التواصل الاجتماعي فإن مثل هذه الحوادث لا يزال يتم التقليل من شأنها بشكل خاطئ ويصعب مقاضاتها قانونيا، فـ لكل فرد حدوده ويجب ألا يتجاوزها الآخرون، كما لا يخفى عن أحدا أنه في عالم تهيمن عليه وسائل الإعلام الرقمية بشكل متزايد هناك المزيد والمزيد من حالات العنف الرقمي ولقد أصبح هذا العنف ظاهرة واسعة الانتشار ومرتبط ارتباطا وثيقا بالعنف الواقعي وهذا يعني أن العنف الحقيقي يستمر في الفضاءالرقمي، والمصطلح يحمل أشكالا مختلفة من الإهانة والمضايقة والتمييز والإكراه ضد الأشخاص الآخرين باستخدام وسائل الاتصال الإلكترونية عبر الشبكات الاجتماعية في غرف. الدردشة والرسائل الفورية أو الاتصالات وغيرها بهدف التشهير وإلحاق الضرر بالسمعة والعزلة الاجتماعية والإكراه أو الابتزاز لسلوك معين من جانب المتضررين. بالإضافة إلى ذلك هناك في بعض الأحيان تهديدات بارتكاب جرائم خطيرة ضد المتضررين، وغالبا ما يكون الأطفال والفتيات والنساء هم المتأثرون بمثل هذه الجرائم، ويمكن أن يكون المتحرش من الأقارب والمعارف والأصدقاء الذين يتصرفون دون وعي ويعرفون جيدا كيفية إيذاء الآخرين، في بعض حالات الجرائم الرقمية الجناة غير معروفين للمتضررين ويستخدمون إخفاء الهوية في الفضاء الرقمي لممارسة العنف.
العنف الرقمي في البيئة الاجتماعية الرقمية!
موضوع مهم!
المسألة شائكة وما لا يعلمه كثير من المستخدمين لوسائل التواصل أن بعضها كفيسبوك يشارك المعلومات الشخصية للجهات المعنية إن تأكدت من حدوث جريمة, فيمكن للضحية الابلاغ عن التحرش, وستقوم الشرطة بالتحقيق وتقديم طلب لفيسبوك للكشف عن المعلومات الشخصية للمتهم, وسيتمكن المحققون من الوصول إليه حتى وإن كان يستخدم اسمعا مستعارا, وهذا ما ينص عليه قانون فيسبوك الذي نوافق عليه قبل إنشاء الحساب:
الطلبات القانونية: يجوز لنا الوصول إلى معلوماتك وحفظها ومشاركتها استجابةً لطلب قضائي (مثل أمر تفتيش، أو طلب محكمة أو مذكرة إحضار) إذا توفر لدينا اعتقاد بحسن نية بأن القانون يحتم علينا ذلك. وقد يتضمن ذلك أيضًا الاستجابة إلى الطلبات القانونية الواردة حينما يتوفر لدينا اعتقاد بحسن نية بأن الاستجابة مطلوبة قانونًا بموجب قوانين تلك الدائرة القضائية، والتي تسري على المستخدمين المقيمين ضمن تلك الدائرة القضائية، وأنها متوافقة مع المعايير الدولية المقبولة......
أيضا الآن هناك مباحث الانترنت، وهي تتولى أي قضايا ابتزاز أو غش أو أي مخالفات تحدث على الإنترنت وهو قسم تابع لوزارة الداخلية لكن منوط بهذا النوع من البلاغات وتم إنشائه لدينا بمصر منذ 2002 ولكن لم يتم الوعي به وكيفية استخدامه إلا عن قريب.
وهو المسئول عن تلقي البلاغات والشكاوي يليها تولي النيابة العامة التحقيقات مع تولي مباحث الانترنت التحريات كاملة.
اتهم العديد من النقاد وخبراء علم النفس والمفكرين منصات التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها فيسبوك وإنستغرام، أن الخواريزميات التي تعمل من خلالها تسبب الاكتئاب المزمن وأعراضه للعديد من المستخدمين، خاصة المراهقين منهم والأطفال، ناهيك عن الأخطار العديدة المتعلقة بأمن وأمان الأطفال والمستخدمين غير الواعين. لكن السؤال الأهم الذي لا أستطيع إجابته: كيف يمكن السيطرة على الإدمان الاجتماعي العام لها من جهة، وعلاقتها الاقتصادية المرتبطة بعالم الأعمال في عصرنا الاقتصادي الحالي من جهة أخرى؟
هذه مشكلة العصر، لكن الانترنت على انسيابيته الواسعة إلا أنّه أتاح بزر الحظر إبعاد المسيئين، وزر التبليغ عن المستخدم، كيف يمكن أن نقاضي المستخدمين الذين يستخدمون الانترنت للتحرش ؟ يبدو الأمر صعباً وخاصة مع القدرة على إخفاء الهوية، وهذا الأمر يجعل المستخدم أكثر حذراً وخاصة حين التعامل مع مستخدمين افتراضيين لم يقابلهم ولم يعرفهم بشكل شخصي، الحذر وعدم الثقة كفيلان بتوفير مساحة آمنة إلى حد ما
هذه الجرائم هي الثمن الذي تدفعه المجتمعات بجانب تمتعها بمميزات التطور التقني والتكنولوجي والانفتاح العالمي. للاسف عند غياب الضمير والقيم وانحدار الأخلاق لا يمكن ان يستقيم الحال. وهذه الجرائم التي نسمع عنها اليوم هي أسوأ ما يمكن أن تكون في عصر الرقمنة والذكاء الاصطناعي ولكن يبدو أن المجتمعات نفسها أصبحت غير قادرة على التمسك بأقل معايير المحافظة والأخلاق وحتى ان جرائم الجناة تتم خلف جدر تخفي جرائمهم وللاسف تكون احيانا موجهة ضد الارحام وقد تظهرت لك الجرائم للعلن او قد تبقى ندبة محفورة في الذاكرة وتترجمها حالات السلوك والشذود والدمار الاخلاقي من الضحية او الجاني المتمادي في جريمته.
نعم لشرعنه كل القوانين التي تحفظ المجتمع من تلك الجرائم. ولهذا ظهرت قوانين تعاقب على الجرائم الالكترونية وعلى التعديات في العالم الرقمي.
أثبتت بعض الدراسات أن العنف الرقمي تزايد فعلا بشكل خطير في الآونة الأخيرة داخل الدول العربية خصوصا بين النساء والأطفال، ومن تمظهراته الإساءة اللفظية والتنمر والتحرش والابتزاز والتشهير وغيرها.
وهذا الانتشار المتزايد للعنف الرقمي في البلدان العربية على وجه الخصوص، مرده إلى مجموعة من العوامل. منها ما هو اجتماعي مرتبط بثقافة الحشمة والخجل وتجنب الفضيحة، وبالتالي عدم التبليغ عن المستفز ما يجعله يتمادى ويعمل على ابتزاز الضحية خصوصا إذا تمكن من الحصول على وسائل مادية من ضحيته كالصور والفيديوهات مثلا.
فالثقافة الاجتماعية السائدة في البلدان العربية تعمل على إنتاج الهيمنة الذكورية بين الأجيال، زيادة على انتشار الأفكار التي تختزل المرأة في الجسد والتنقيص من قيمتها بالمجتمع، مع انهيار منظومة القيم وتدني مستويات التعليم والوعي بالمنطقة العربية، وانتشار التطرف والكراهية والفقر والأزمات النفسية التي تصرف ضد المرأة والطفل داخل هذا الفضاء الشبه مظلم.
ومنها ما يرتبط بالقوانين نفسها التي نجدها في بعض الأحيان قديمة ومستهلكة ولا تأخذ بعين الاعتبار ضرورة التكيف مع المستجدات التقنية في العصر الحديث كما هو الحال مع الجريمة الإلكترونية التي انتشرت في هذا الوقت، وفي هذا السياق تقول الباحثة في سوسيولوجيا الاتصال والإعلام "خديجة براضي" في تصريحها لأحد القنوات التلفزية: إن الإمكانية التي أتاحتها منصات التواصل الاجتماعي بإحداث تغييرات جذرية في أنماط الأفراد وسلوكهم إضافة إلى سهولة إنشاء حسابات وهمية بأسماء مستعارة تشجع الكثيرين على ممارسة أفعالهم السلبية والخفية تجاه الآخرين، بدءاً من التحرش مروراً بالعنف وصولاً إلى المس بكرامة الإنسان بمختلف تمظهراته.
مرحبا اميرة
مساهمة رائعة
لكن أود الإشارة الي هذة الجزئية
فإن مثل هذه الحوادث لا يزال يتم التقليل من شأنها بشكل خاطئ ويصعب مقاضاتها قانونيا
بالفعل خصصت حكومات الدول وحدات شرطية وجنائية للإنترنت وتعمل بشكل جيد في معاقبة الجرائم والتحرش الإلكتروني وحتي وإن كان الجاني او المتحرش متخفي الهوية يمكنهم الوصول إلية بأكثر من طريقة ومعاقبتة، لكن هذا مرتبط بالمجني علية ففي حال إبلاغة شرطة ومباحث الإنترنت تعمل بالفعل علي تقصي الجاني ومعاقبتة، لذا وجب على كل متضرر من المضايقات الرقمية أن يلجأ لشرطة الإنترنت.
التعليقات