~ بقلم أحمد الطويل

الإختلاف لفضياً هو التناقض بين أمرين كالأسود والأبيض مثلاً ، ولكنه معنوياً هو الفرق بين شكلين قد يكونا مادياً او نفسياً وكذلك قد يعني التباعد بين قطبين أحدهما إيجابي والآخر سلبي او هو الصراع بين الخير والشر .. وربما هو ما يحول بين الـ"لا" والـ"النعم" !!

الاختلاف أيضاً هو الركيزة لإثبات حقيقة علمية او لإظهار مدلول ديني او لتوضيح مفهوم دنيوي. مثلاً ، حين أثبت العلماء حقيقة أن الأرض كُروية فقد تم ظحد معتقد أنها مسطحة واختلفت هذه الحقيقة العلمية ، او كما اختلف الأئمة الأربعة بأن للمرأة الراشدة الاحقية الكاملة في ولاية أمرها فهنا أهتز مفهوم ولاية الرجل على المرأة واختلفت الفتوى. مثل هذه الاختلافات الضمنية والمضمونية بالإمكان الأخذ والرد فيها وكذلك الإثبات والظحد بغير ان يمس الكيان الأسمى للنفس البشرية.

ولكن هناك أيضاً نوع من انواع الاختلاف قد يظهر على شكل تباعد او تصاعد مجتمعي ، كالاختلاف بلون البشرة والعرق ، او الاختلاف بالاعتقاد الديني والمذهبي ، او كذلك الاختلاف الطبقي في المجتمع ، وهذا الاختلاف هو اسوأ انواع الاختلافات في سائر العصور فهو يشكل بؤرة لأغلب العداوات والكره والبغض والذي يتفاقم امرها ويصل إلى ثورات وحروب وإبادات جماعيّة. الاختلاف المجتمعي هو ما يولد بذرة الخير والشر في النفس البشرية ومن خلاله تستطيع ان تفرق بين الصالح والطالح وبين المجرم والبريئ وإذا ما عدنا للماضي وقرأنا التأريخ فسنتيقن حتماً ان كل معضلة واجهت اي مجتمع او حضارة سببها التباعد المجتمعي وكذلك في الوقت المعاصر أيضاً نلاحظ التغير في المجتمعات والدويلات والدول العظمى سببها هذا الاختلاف او كما يسمى في وقتنا الحاضر "العنصرية" وحتى إن لم يظهر للعلن بشكل واضح فأبسط مشكلة تستطيع ان تزيح الستار عما يدور خلف حدود تلك الدولة رغم إتسامها بمدأ الحرية والديمقراطية. فمصطلح الحرية او الديمقراطية هي ذاتها قد تذلل مفهوم العنصرية ، كأن تقول اعطيني "شيء" وأعطيك "شيء" وهذا "الشيء" تختلف قيمته المعنوية والمادية بإختلاف الطرفين المتبادلين او كأن تكون هي الطريقة المثلى لتثبت اختلافك عن الطرف الآخر.

من هذا الاستدلال نستطيع أن نستلخص ان الاختلاف والحرية هما وجهان لسيف ذو حدين ، فإن قَتلتَ بالاول سيقتلك الآخر وإن تجاوزت حدودك بالآخر فسيدمرك الأول فكما ترى أن البعد متباين بينهما ولكن الأثر اقرب إليك من نفسك ، ولذلك اصنع لنفسك ما تختار ولا تختار ما تصنع !!