خلق الله الانسان و اسكنه الأرض و علمه ما ينفعه و يعينه علي العيش في الدنيا و كان ذلك لكل انسان علي حدا و لم يجعل سبحانه و تعالي فئة بعينها تستأثر بكل العلوم وحدها ليصبح كلاً منا يحتاج الي الاخر و ليتعاون كل الناس علي قضاء حوائجهم فالكل يحتاج الي بعضه و ذلك قول الله (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ۚ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)

ففي كل أختراع أو اداة نستخدمها في حياتنا اليوميه تكاتف مجموعة من البشر لأيصالها لنا علي شكلها الذي نراه عليه الان فمثلا السيارة نجد انها تتكون من بضعة اجزاء رئيسية و الكثير من الاجزاء الصغيرة حتي ان الجزء الواحد منها احتاج الي اكثر من جهه ليخرج الي النور فعلي سبيل المثال المحرك احتاج الي مصمم له ثم احتاج لمن ينفذه علي ارض الواقع و كذلك الاطارات و احتاجت الي من يصمم و ينفذ صالون السيارة من الداخل و قس علي ذلك كل الالات و الأجهزة التي نستخدمها في حياتنا اليومية

بل الأكثر من ذلك المنزل الذي نسكن اليه فلتأسيسه احتجنا الي الكثير من الأيدي التي تعمل حتي يخرج كما هو عليه بعد سكنه ابتداء من مهندس التصميم و انتهاء بفرشه مرورا ببناء الاساس و الاعمده و الأسقف و البناء و التشطيب

و رغم ما وصل اليه البشر من مختلف العلوم في شتي المجالات بقدر الله لكن يبقي العلم المطلق لله سبحانه و تعالي وحده

و كما أختص الله بعض من البشر بعلم لم يعلمه لغيرهم من سائر الخلق كالأنبياء و المرسلين عليهم السلام أجمعين

الا ان الله جعل كثيرا من العلم له وحده و لم يعلمه لأحد من خلقه (وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا)

و في هذه السلسلة الجديدة سنستعرض ان شاء الله كل ما تم أكتشافه و متي كان استخدامه #لأول_مره في التاريخ و منها من كانت مناسبة سعيدة و منها من كانت الحزينة و منها المأساويه ولا يغيب عن علمنا أول محاولة للطيران و التي كانت أول وميض لأكتشاف الطيران محاولة عباس بن فرناس القاتلة

و في قصتنا اليوم نستعرض أول مرة أستخدمت فيها بصمات يد الانسان في ادانة متهم بجريمة قتل و التي أعتمدت من يومها و علي مدار عقود عده العامل الأساسي في كشف هوية المجرمين الي وصلونا لدي ان ايه

ترصخ في أذهاننا لسنوات ان بصمات يد الانسان لا تتشابه مع غيره و ان كان توأم له الي ان حدث حادث في أسبانيا غير و أربك كل تلك الحسابات و بات من كانوا علي يقين من ذلك في حيرة و دهشة و ربما تغيرت فكرة رسخت في اذاهنم لسنوات عده

كان ذلك في أسبانيا و إنفجار قطارفي حادث مدبر عام 2004 قام بعدها المختبر الجنائي في مدريد بتحليل البصمة ومن ثم إرسالها إلى قواعد البيانات الجنائية حول العالم ومنه قاعدة بيانات (الإف بي آي) الأمريكية وأتضح من من البحث البصمة في قواعد بيانات (الإف بي آي) أنها لرجل أمريكي تحوّل للإسلام يدعى (براندون ميفيلد) وفي شهر مايو 2004 بعد شهرين فقط من إنفجار القطار في أسبانيا تم القبض على ميفيلد الذي يقطن مدينة بورتلاند الأمريكية وأتهم بإرتكاب عملية إرهابية كانت نتيجتها مقتل أكثر من 20 شخص عندما قام محامي (براندون ميفيلد) بإستئجار مختبر خاص لفحص البصمة ، أكّد هذا المختبر أن البصمة هي بالتأكيد لبراندون ميفيلد ولكن لحسن حظ ميفيلد وقبل أن تبدأ محاكمته كانت الشرطة الأسبانية قد قبضت على الجزائري واناني داوود مرتكب الجريمة وعندما تم فحص بصماته وجدت أنها أكثر تطابقا للبصمات المأخوذة من حادث القطار ، قبض على واناني داوود في أسبانيا وحوّل للمحاكمة فيما تمّ تبرئة ميفيلد وإسقاط جميع التهم عنه

البصمات ربما لا تتطابق كما هو معروف منذ عام 1788 و الذي أكتشفه عالم التشريح الألماني يوهان ماير و لكنها تتشابه بشده في بعض الحالات و لأكتشاف الفرق بينهما قد يتطلب جهداً أكثر من أغلب حالات بصمات الأصابع الأخري فهناك ثلاث أشكال رئيسية لبصمات أصابع كل انسان و هم :

1 - القوس

2 - الأنشوطة وتشبه العقده

3 - السوار و تشبه الدوامات

و بعض البشر قد تتشابه بصمات اصابعها في واحدة من تلك الثلاث الا انها و بالتدقيق نكتشف انها تختلف في نهايات الأخاديد و التفرعات ( اترك النظر الي أصابعك و تابع القراءة😉😂)

في قصتنا اليوم #قاتل_بلا_قلب نستعرض اول مرة تم اللجوء فيها من قبل الشرطة الي بصمات الأصابع لتحديد هوية قاتل و كان ذلك في شهر يونيو من عام 1892 في بلدة صغيرة تدعي نيكوتشا بالقرب من بوينس أيرس بالأرجنتين و كانت لجريمة بشعة لا يتصور احد انها حقيقية و حدثت بالفعل بل يكن علي يقين انها من خيال شخص ربما اتهمناه بالمريض لتخيل ذلك في رواية أو قصه

في الأرجنتين عام 1892 أبلغت أمرأة تدعي فرنسيشكا أم لطفلين شرطة قرية نيكوتشا عن مقتل طفليها و اتهمت صديقاً لها قد تركته بأنه الفاعل و يدعي بدرو فيلسكوس و قد رأته يخرج من بيتها مسرعاً عندما عادت من الخارج لتري طفليها ملطخين بالدماء و قد فارقا الحياة

بحثت الشرطة عن الفاعل و أحضرته و بدء التحقيق معه لكنه بالطبع انكر فأستخدمت الشرطة الأساليب المصرية الحديثة لأنتزاع اعتراف المتهم بجريمته الشنعاء الا ان الغريب انه لم يعترف رغم الضرب و التنكيل

احتار المحققين في امره و فكروا انه لا بد من طريقة اخري لأثبات ان العاشق هو القاتل فذهب المحقق ثانية الي مسرح الجريمة ربما رأي شيئاً يكون الدليل علي ان بدرو فيلسكوس هو القاتل

وصل المحقق ادواردو الفاريز الي ساحة الجريمة و بدء ينظر و يتفحص في المنزل الصغير الي ان وجد بصمه ملطخة بالدماء علي الباب فنزع الجزء الذي عليه البصمه

استدعي ادواردو الفاريز أم الطفلين المقتُلان و سئلها ان كانت لمست الباب عند عودتها الي منزلها فأجابت بالنفي و أخبرت المحقق انها لم تلمس اي شئ و هرعت مسرعة الي الشارع مما يؤكد ان تلك البصمات للقاتل

علي عجلة استدعي المحقق ادواردو الفاريز ضابط شرطة صديقاً له و لكنه في نفس الوقت خبير بعلم البصمات و كان يدعي خوان فوزاديتش و بدء بمقارنة بصمات التي وجدت علي الباب ببصمات المشتبه به فوجد ان البصمتين من نفس النوع و هي علي شكل القوس

بدأت تتأكد الشبهات نحو بدرو فيلسكوس وبدء خبير البصمات خوان فوزاديتش يتعمق أكثر في مقارنة البصمات الي ان وصل في النهاية الي نتيجة غير متوقعة و هي ان البصمة التي وجدت في ساحة الجريمة و بصمات بدرو فيلسكوس تختلفان في نهايات الأخاديد و التفرعات

تم تبرئة بدرو من تهمة القتل و لكن يبقي السؤال من القاتل ؟

و لكن يوجد سؤال اخر و هو ما قد يؤدي الي معرفة هوية القاتل و هو لماذا ادعت فرنسيشكا انها رأته وهو خارج من منزلها بعدما قتل طفليها ؟!

استدعي المحقق الفاريز المرأة فرنسيشكا مرة أخري الي التحقيق و سئلها مرة أخري ان كانت لمست شيئاً في مسرح الجريمة أو ان يديها قد طلخت بدماء طفليها فأجابت دون ان تغير من أقوالها السابقة شئ و نفت ذلك

راح الفاريز يأخذ بصمات أصابع فرنسيشكا و يقارنها بالبصمة التي رفعها عن باب منزلها فكانت المفاجأة تطابقت بصمات الأم بتلك البصمة في دهشة عارمة للمحققين في تلك الجريمة

وجهت تهمة قتل الطفلين الي الأم التي أنكرت ذلك و بكل ثقة و تصميم علي رأيها عاد المحققين الي دوامة التفكير في هوية القاتل و من يكون قد فعل ذلك ؟! و لماذا؟

بالتحقيق و التحري تم اكتشاف ان للأم صديقاً اخر غير بدرو فيلسكوس و كانت تحبه كثيراً و لا يمانع بالزواج منها لو لم تكن لديها طفلان

سار طفلي فرنسيشكا هما العائق و الحائل دون الزواج و العيش مع حبيبها بقية عمرها بدأت الأم التي كانت لا تزال رهن الأعتقال تبكي و تنتحب فأثار ذلك ريبة المحققين الذين أعادوا أستجوابها و بدوره انهارت و أعترفت بأنها من شدة حبها لعشيقها أرتكتبت تلك الجريمة الحمقاء

هذه جريمة لم يكن ليكتشف ابداً فاعلها لولا علم البصمات فمن كان سيبرئ عاشق سابق مجروح و يتهم ام بقتل طفليها التي أنعدمت من القلب فلا يمكن انها تمتلك ذلك العضو داخل جسدها الميت فيستحيل ان تمتلك قلب و لو ميت و تفعل تلك الفعله

حُكم علي فرنسيشكا بالسجن مدي الحياة و كانت تلك قفزة في علم التحقيق في الجرائم و التي انتشر علي اثرها استخدام تقنية البصمات في كل انحاء العالم و التي تستخدم الي اليوم لتحديد هوية مجرم و لولا ذلك العلم الذي علمه الله للبشر لفر العديد من المجرمين من العقاب

فسبحان_الله_الذي_علم_الأنسان_ما_لم_يعلم.

بقلم هاني عبدالرحمن