نخطئ؛ فنبالغ بلوم أنفسنا ولا نتقبلها بأخطائها... نعدل وننصف الآخرين وننسى أنفسنا في الطريق...

كم مرة سامحت من أذاك أو أهانك أو حتى تسبب لك بعقد نفسية ربما لا زلت تعاني منها إلى الآن؟ كم مرة قلت لعله يعاني من أمر ما والتمست له أعذارا فسامحته؟ كم مرة صفّيت قلبك من الحقد والضغينة تجاهه؟ كم مرة أنصفته وتذكرت أنه مهما فعل فيه من الخير ما فيه؟

ألا تظن أن نفسك بحاجة لبعض من هذا التسامح والإنصاف في التعامل معها؟!

نخطئ فلا نتعلم من الموقف فحسب، بل نبالغ في المحاسبة والعقاب لدرجة أن يترك خطأنا -الذي هو في غالبه أمر بسيط- أثرا كبيرا صعب التجاهل في نفوسنا...

يقال "لا يوجد في العالم من هو مخطئ دائما؛ فحتى الساعة المتوقفة تكون على حق مرتين في اليوم". كذلك لا يوجد من هو على حق على الدوام؛ فحتى الساعة التي تثق بتوقيتها دائما قد تخطئ في وقت ما...

تقبل نفسك بأكملها.. بمرها قبل حلوها.. بانطفائها قبل إشراقها وشعلتها... بضعفها وانكسارها قبل قوتها وجبرها... بأخطائها قبل صوابها...تقبل إنسانيتك... تقبل مراحل عظمتك بصمود...

أحيانا نخطئ فنفقد صوابنا مع أنفسنا، نعاقبها بشدة ونقسو عليها بوحشية ننسى كوننا بشر خطاؤون... نمنع أنفسنا من التمتع بأي شيء ونغلق على أنفسنا وننعزل، نرى أنفسنا مليئون بالأخطاء ولا نريد أن نلوث الآخرين بأخطائنا... إن مررت بتلك اللحظات فاعلم أنك من أنقى البشر، بل ربما عليك أن تحتاط وتخاف على نفسك من هذا العالم. العالم الذي كثُر فيه الخطاؤون وقل التوابون، كثر فيه التمادي في الخطأ وقل المعترفون المصلحون بل حتى أنه نَدُر المستشعرون لأخطائهم وكثر الساخرون من الذين يشعرون...

لا تحزن إن أتتك لحظات شعرت فيها بداخلك بوسوسة لماذا أنا أشعر بتأنيب الضمير وغيري يفعل نفس الأخطاء ويعيش حياته مُرفها لا يبالي بأخطائه... استعذ بالله وفكر في الأمر بمنطقية وعقل واعي... هو اعتاد الخطأ فأصبح أمرا طبيعيا للغاية عنده لم يشعر بما يفعل، لكنك أنت أدركت نفسك وتحاول إصلاحها، أيهما تفضل؟

كثير من الابتلاءات والمحاسبات على الأخطاء من المقربين تزعجنا، نقول لماذا نحن وآخرون لا يعاقبون؟! أولا لا تعترض على قدر الله واعقل الأمور... هل تريد أن تستمر على خطأك أم أنك تريد أن تصححه؟! ثانيا تذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إذا أراد الله بعبده خيرا عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبده شرا أمسك عنه بذنبه حتى يوافيه يوم القيامة" كما قال صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل ليكون له عند الله منزلة، فما يبلغها بالعمل، فما يزال يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها"... فأي شيء أعظم من هذا تريد لترضى بابتلاءاتك؟

وكلمة أخيرة...

أنت في فترة ضعفك وانكسارك وتحطمك وانطفائك وفقدانك لثقتك بنفسك، تعرف جوهر المقربين من حولك، فلا تُفرِط في من ساندك في تلك الفترة ولا تنسه من دعائك غيبا... وخصوصا هؤلاء الذين لم ينلهم منك معروف واحد، وعرفوك وأنت مظلم ولكنهم وقفوا بجانبك بلا مقابل وبلا سابق منفعة حتى... بارك الله فيهم ولهم وجزاهم الله عنا كل خير وحفظهم الله من كل شر وجعل أيامهم كلها فرحا وسرورا وجبرا وقضاء للحاجات وتفريجا للكربات...