إخترت هذا المُجتمع لأن كل الأصدقاء فيه :) ، كُل عام وأنتم بخير حال، نشرت التدوينة بالفعل في موقعي لكني أردت أن أكتبها هنا ولا أنقل الرابط فحسب، حتى لا أقتل المُناقشة أو اُحرم من آرائكم الهامة.
شهر رمضان أصبح على الأبواب وبضعة أيام قليلة وسيطِل علينا، شهر رمضان له معزة خاصة عند المُسلمين بصفة خاصة والعرَب بصفة عامة، ففرحة رمضان التي تُغطّي العالم والراحة النفسية وأصوات التلاوات القرآنية في كل مكان.. كل هذه عوامل وغيرها عديدة ساهمت في خلق روح شهر رمضان، الحالة الخاصة التي يشعر بها كل منّا حينما يتذكر إقتراب رمضان ويتخيلها داخل عقله.
أيضًا في مثل هذه الأيام العام الفائت كُنت اؤدي العُمرة، وفور عودتي قررت البِدء في الكتابة، لهذا أشعر أن هذه الصفحة بكاملها لا تسع أن افرد زراعيّ وأصرُخ في نشوة. ما يُميز شهر رمضان عن باقي الشهور هو حالته الدينية بالطبع، لكنه أيضًا شهر يُساعد على التنظيم والجدولة بشكل كبير بجانب الراحة النفسية التي تُسيطر على اجوائه، لهذا كتبت هذا المقال، لاُشاطركم بعض الأفكار والعادات التي يُمكنها أن تجعل من رمضانك هذا الأفضل والأكثر تأثيرًا، وودت أيضًا أن اُهنّيء الجميع بحلول رمضان: كل عام وأنتم بخير :)
نادرًا ما اسأل أحد الأصدقاء: "كم اليوم في الشهر؟" ويرُد بسُرعة، معظمنا لا يهتم بمعرفة تاريخ اليوم إلا في حالات إقتراب الراتب بالطبع، الأمر معكوس في رمضان، فالجميع يعرف كم اليوم وكم تبقى على نهايه شهر رمضان، هذه نقطة هامة جدًا، فالشهر محكوم واليوم المُنصرم يترك اثرًا.. وهو ما يُساعدنا على تنظيم حيواتنا في شهر رمضان وإصلاح ذواتنا وتحقيق أقصى إستفادة منه، فما هي العادات والتصرُّفات التي يجب أن تكون جزءًا من يومك الرمضاني؟
الصوم، الصلاة والقرآن
غالبًا ما تُلهينا الحياة عن واجباتنا الدينية وعباداتنا، ولهذا يُعد شهر رمضان فرصة رائعة للتقرُّب من الله -عز وجل- وإصلاح الذات، فالعبادة والشعائر الدينية لها تأثير السحر في علاج الروح، ولهذا عليك في شهر رمضان المبارك ألا تفوّت صلاة واحدة أو تفوت صوم يوم واحد من أيام رمضان القليلة، فإن زرعت عادة الصلاة في نفسك ستقدر على الإستمرار في الصلاة بعد إنتهاء رمضان وفي كل وقت، أيضًا رمضان فرصة ذهبية للإقلاع عن العادات والتصرُّفات السيئة فقط عليك التحلّي ببعض الحزم.
القرآن أيضًا يستحق القراءة والتدبُّر، جزء واحد يوميًا سيكون كافيًا، فالقرآن فيه حل لكل مشكلة، وفيه عظة لكل إنسان، هذا بجانب روعته الأدبية، فإن كنت قارئًا فعليك أن تقرأه وتتدبّر فيه، وإن كنت كاتبًا فستملأ رأسك بعديد من المصطلحات والكلمات والأساليب الإبداعية.. كل هذا يجانب الثواب العظيم بالطبع. لن اُبالغ إن نصحت غير المُسلمين بقراءة بعض القرآن، فأنا إضطلعت على بعض الكتاب المُقدس من قبل، لا يجب على كل مسلم أو قارئ أن يفوّت فرصة قراءة القرآن والتأمل في عظمته.
الإهتمام بالصحة والغذاء
العبادة أمر أساسي في الحياة بشكل عام وفي رمضان بشكل خاص، لكن لا يُمكن إمضاء اليوم كاملًا في العبادة، أمرٌ مثل هذا لا يُرضي الله حتى، على الإنسان أن يهتم بأمور عديدة ومنها الصحة الجسدية، في مصر مثلًا سنصوم لخمسة عشر ساعة أو ستة عشر ساعة ومن ثم ساعات الإفطار، ولهذا يُعد شهر رمضان فرصة رائعة لفقدان الوزن أو ضبطه بشكل عام، فالصيام يساعدك على ضبط نسبة المياة في الجسم وضبط معدلات تناول الطعام بشكل عام. ممارسة الرياضة في رمضان أيضًا لها طعمها الخاص، مثل الذهاب إلى النادي الرياضي (Gym) مع الأصدقاء أو ممارسة رياضة الجري أو المشي بعد الإفطار، شهر رمضان هو فُرصة مثالية لفقدان الوزن أو إكتسابه وضبط شكل وصحة الجسم بشكل عام.
القراءة والتثقُّف
كما ذكرت أعلاه، فقراءة القرآن تثقيف كبير وثواب أكبر، لكن بجانب القراءات الدينية يجب علينا جميعًا الإهتمام بتثقيف أنفُسنا، إن خصصت ساعة واحدة للقراءة يوميًا ستكون كفيلة حقًا بتغيير حياتك، فالقراءة غذاء للروح كما تعلّمنا منذ الصِغر، يُمكنك البدء في تأسيس عادة القراءة في رمضان القادم، ولكن إن كنت لست قارئًا فلا تبدأ بكتاب أو رواية مملة وصعبة الفهم، إبدأ بعمل أدبي خفيف وأرشح لك كتاب "الأمير" لميكافيللي، وهو من أعظم كتب السياسة على مر التاريخ بالرغم من سهولة ألفاظه وسهولة ألفاظه.
مما سبق نستنتج أن رمضان فرصة لكسب عادات جديدة، تطوير عادات جديدة وممارسات عديدة وأيضًا التخلُّص من بعض العادات السيئة.. وهذا ينقلنا للفكرة التالية:
التدريب، التعلُّم وتنقيح الذات
رُبما بستثمر أحد أمواله في البورصة، أو يستثمر قوته البدنية في عمل فيزيائي ما، لكن أعظم إستثمار هو الإستثمار في الذات، أي تنقيحها وعلاج عيوبها وتزويدها بمهارات جديدة بجانب إمضاء بعض الوقت في التدريب على المهارات الموجودة لديك بالفعل، وهو ما سأشرحه تفصيلًا في السطور القادمة، وبالطبع لا يتقتصر الأمر على رمضان فقط، بل على كل العُمر وليس بعضه:
تطوير العادات
في مقالات سابقة تحدثت عن أهمية تطوير العادات والمقالات، وتحدثت عن بعض العادات التي يجب على الجميع تطويرها ولهذا رُبما اُكرر كلماتي في هذه الفقرة لكن لا بأس فالمغزى واحد ونحن فقط نغيّر زاوية النظر. تطوير العادات أمر أساسي رغم اني أجد البعض لا يهتم به، على كل إنسان عاقل أن يطور عادات إيجابية تساعده على عيش حياة أسعد وأفيد، تطوير عادات مثل الإهتمام بالنظافة الشخصية، المذاكرة، التدريب وممارسة الرياضة أمر مفيد على كافة الصُعُد، فتلك العادات على المدى الطويل ستجعل حياتك مختلفة تماماً وستجعلك شخصًا مُختلفًا.. الأمر يستحق النظر فيه.. اليس كذلك؟
المِران وصُنع المهارات
في دائرة معارفك وأصدقائك ستجد العازف الموهوب، الكاتب المُحترف، مُصمم الجرافيك، الرسام المُتقِن وحتّى المُغنّي، وهذه كلها مهارات وقدرات، تُشعر ممتلكيها بالرضا عن نفسهم وهذا ما ينبغي على كل شخض أن يسعى تجاهه، يجب أن يكون لديك مهارة في التعامُل مع شيء ما بإحترافية، رُبما تصبح هذه المهارة يومًا ما مصدرًا للدخل وبديلًا للوظيفة، شهر رمضان بيئة مُناسبة لتطوير مهارة أو حتى صنعها من الصفر، وهذا ما ناقشته سابقًا في المقالات المذكورة أعلاه. لا أعتقد أنك تود أن تتلقى إتهاماً من أحدهم بأنك فاشل لا تقدر على فعل شيء. هيا قُم وإبحث عن نفسك.
عمل الخير
في النقاط السابقة خرجت عن مضمار الموضوع قليلًا وأنا أعترف، لكني فقط كنت أود أن اشرح أهمية إستغلال كل لحظة من شهر رمضان، ولكن في هذه الفقرة عدنا مرة أخرى لرمضان وروحُه، عمل الخير في رمضان ثوابه ومتعته مضاعفان بكل تأكيد، لهذا يجب على رمضانك القادم ألّا يخلو من عمل الخير، مُساعدة الغير، التصدُّق، صلة الرحم. تصدّق دائمًا بجزء من مالك وإسأل على أقاربك الذين ابعدتهم عنك الحياة وتغيُّراتها، إنه أي خلاف بينك وبين أحد أصدقائَك أو أحد أفراد عائلتك وبادر بالصلح، فرمضان شهر الخير والإحسان، وإن ناقشنا الأمر من بُعد نفسي بحت.. سنجد أن المشاكل والخلافات بينك وبين الآخرين لن تزيد الطين إلا بلّة، وسنجد أن التصدق ومساعدة الآخرين فطريًا سيُشعرك بالسعادة وبأن لحياتك ووجودك قيمة.
رمضان فرصة جيدة للتغيير، لتنقيح الذات، للتعلُّم وإكتساب الخبرة وللتقرُّب من الله، لذا حاول قدر الأمكان، ألّا تعيش رمضاناً عاديًا هذه السنة، وألا تعيش حياة عادية في أي سنة.
التدوينة على مدونتي:
التعليقات