لكل شخص منا معركته الخاصة في الحياة ، والصراع يتوسع كلما زادت أهمية ما نتصارع بشأنه، وكلما ارتفعت مكانتك كانت الأحجار أقدر على قذفك ولكن الثبات يبقى ملازما لمن عظمت هيبته وقلت سفاهته ، وقد يكثر الأعداء من حولك وربما يتكتلون فيما بينهم ليصيبك كل ذلك بالإحباط حيث يصدمك من كنت تثق بهم دوماً ، وتوهمت يوما أنهم أقربائك وأصدقائك ثم تكتشف بأنهم ليسوا سوى مجرد شامتين بسقوطك ، ولكنه ليس سقوطاً كما يرسم لهم خيالهم المريض بل هي محنة تتشابه مع كثير من المحن.
تمضي السنين ويبقى أصحاب المواقف من رفقاء الطريق الذين لم تغيرهم عواصف أو أعاصير ، فقديبقى لك صديق واحد أو اثنين ولكنهما في الميزان يعادلوا مائة وقد صدق رسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه في وصفه لأبو بكر الصديق بأنه (رجل يزن أمة) فقد كان رضي الله عنه اقرب صديق لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم و أول من ناصره في أحلك الظروف وكان مدافعا عنه عندما تخلى عنه الناس .، ولقد صاحب النبي في هجرته وكان مطاردا من كفار قريش ولم يخف ولم يجزع قال تعالى(إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيم)
قال تعالى في تزكية أبي بكر الصديق في القرآن : (وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله قد اتخذني خليلًا كما اتخذ إبراهيم خليلًا، ولو كنت متخذًا من أمتي خليلًا لاتخذت أبا بكر خليلًا، ولكن أخوة الإسلام.
إذا لم تكن لك في الحياة معركة تخوضها ضد أعدائك فيجب أن تعرف انك بلا هدف وبلا مبدأ ، وفي النهاية هذا يعني انك إنسان فاشل ليس لك أثر. ،
يجب أن تعتاد على خوض الصعاب وأن تدرب نفسك على مواجهة الخطب وحدك ، لأن الدنيا تسير ولن تتوقف الساعات حتى تتعافى من الألم ، بل إن الناس لن يلتمسوا الأعذار لكونك إنسان مكسور ويحاولون جبر معاناتك بل إنهم لا يعلموا شيئا عما تشعر به وهم ليسوا مجبرين على تحمل مآسيك..
لا تحاول أن تجعل من نفسك ضحية يبكي عليها الآخرين لأن الشفقة والتعاطف لن تخلق منك إلا حملا جريحا وربما يجتمع الناس حولك محاولين مؤازرتك ودعمك لكنهم يرونك ضعيفا لا تستطيع الوقوف بمفردك . وصاحب الكرامة هو من استغنى عن الناس لأنه يستغنى بالله . هو يمتلك اليقين برحمة الله وحده.
عندما تطاردك الصراعات والأهوال تعود أن تقاوم ، وإياك أن تغلق الأبواب أمامها فإن المواجهة هي نجاتك ولأنك مهما طالت صراعاتك أو قصرت فإنك ستجد نفسك في المواجهة ولن تستطع أن تحارب من وراء الأبواب أو الجدران لانك ستكون جبانا كما وصف الله أهل الكتاب من اليهود في القرآن الكريم بأنهم جبناء لأنهم لا يقاتلون الا في قرى محصنة أو من وراء الجدران قال تعالى : ﴿ لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ﴾
ويعني ذلك بأن اليهود لا يواجهونكم بقتال مجتمعين إلا في قرى محصنة بالأسوار والخنادق، أو من خلف الحيطان، عداوتهم فيما بينهم شديدة، تظن أنهم مجتمعون على كلمة واحدة، ولكن قلوبهم متفرقة؛ وذلك بسبب أنهم قوم لا يعقلون أمر الله ولا يتدبرون آياته..
ستنتصر في معركتك عندما تتسلح بالإيمان وتدخل إلى ميدان المعركة لمنازلة خصومك بثقة وإصرار ، ولا تلتفت للمحبطين والشامتين وتجاهل كلماتهم الساخرة وضحكاتهم الحمقاء، فإذا كان النصر حليفك ترى الدنيا وقد سادت لك وقد أصبحت سيدا في نفسك.
التعليقات