بحثت في المعجم عن تفسير لهذه الكلمة وجدت ببساطة أنها ترك الإغاثة والعون، وعندما كتبت الخذلان أول ماظهر لي في المتصفح هو الخذلان في الحب، فنحن عندما نحب نتوقع من الحبيب كل الدعم والعون والسند، ولكنني هنا لست أ كتب عن الحبيب، اكتب عن كل الاحبة، أكثر الخذلان ألما هو خذلان الأهل والعائلة، فهم أول سند وحب للإنسان يعرفه في هذا العالم، و خذلان الوطن، نعم تخذلنا العائلة ويخذلنا الوطن عندما لانجد فيهما الأمن والطمأنينة والدعم والسند بكل أشكاله، عندما تشعر بالخذلان مهما كان عمرك ستتمتد عروق الشيخوخة إلى قلبك وتكبر فجأة، وتنضج قبل أوانك لكنه ليس بالنضج السليم إنه نضج كثمار البيوت البلاستيكية لا طعم ولا لون ولا نكهة موسمية.
من السهل القول لا تتعلق بأحد، ولكن الانسان بطبيعته كائن اجتماعي يحب ويتفاعل بمشاعره وأحاسيسه، فلا بد له من التعلق والاعتماد والتأمل بشخص أو أشخاص في حياته، إنه وجع وألم كبير يجتاح الجسد يتحول إلى موت الملامح والروح مع الوقت، لا أريد الحديث عن الدين فهنا نصبح المسألة أعقد، فبوجهة نظري مهما كان إيمانك قوي وتعلقك بالدين كبير لا يخفى على أحد مرارة الصبر على وجع الابتلاء بالخذلان، والناس درجات ايمانها وصبرها متفاوتة.
لوسألت نفسي وسألتك هل خذلت مرة، قد تكون الإجابة جاهزة ومتقنة بحرفية عالية خاصة وأن الانسان العربي يشعر دائما بالخيبة والظلم وأنه ضحية الخذلان في وقت من الأوقات، ولا أعرف سببا لهذا إلا ربما بسبب النكسات والأوضاع السياسية والاجتماعية وحتى الرياضية المخيبة لآمال الانسان العربي، فأنا شخصيا شعرت بخيبة كبيرة عندما تعادل المنتخب الأردني في تصفياته، وشعرت أني وضعت ثقتي لأول مرة في غير محلها وأنا الغير مهتمة بأخبار الرياضة أبدا ولكني توقعت أن يقدم شيئا مختلفا يضيف ثقة أو تميزا لبلدي في المجال الرياضي، هذا شيء بسيط مابالك بتوقعات أكبر، كإنجاز عسكري أو سياسي يحدث فرقا على مستوى العالم ينعكس أثره على أبناء الوطن.
قد لا أعرف جميع العالم، ولكن من تعاملي مع فئة من الأجانب أو العرب القاطنين في دول أجنبية، فإن الخذلان عندهم أقل، خصوصا إن انحدرو من بيئة عائلية سليمة، والوجع لديهم أقل ربما لشعورهم بأنهم يحملون جنسيات دول مسيطرة على العالم، والانجازات في مختلف المجالات قوية ومتقدمة.
السؤال الثاني الذي سأطرحه على نفسي وعليك هل كنت ذات يوم في دائرة المتخاذل؟هل خيبت الآمال فيك؟ّ عن نفسي سأصمت لحظة وأفكر إن قلت الإجابة التقليدية لا ستكون مثالية ومتوقعة، أما إن قلت نعم فلا أذكر سوى أني خيبت الآمال عندما لم أحقق درجة عالية في الثانوية العامة ، وقتها كانت التوقعات أن أكون من الأوائل ولكني للاسف لم أحقق ذلك، اذا فكرت بشكل أعمق سأعيد تذكرعلاقات انتهت للأبد من حياتي لفترة طويلة ، سأقول ربما بالنسبة لوجهة نظر الطرف الآخر سأكون أنا من خيبت الامل، لا أعرف ربما، المهم لم أصادف شخصا اعترف بالمطلق أنه كان المتخاذل وأنه من أذى وجرح واعتدى لم أصادف في حياتي إلا الضحايا، وهنا علينا أن نقر بأننا بشر نصيب ونخطئ ولا أحد منا ضحية بالمطلق في جميع مواقف حياته، فيكفينا خيبة غزة فينا، وخذلاننا لها، جميعنا خذلناهم بكل الأشكال، فلا توبة إلى الله تبنا، ولا مقاطعة أتقنا، ولا رأي عام ضج به العالم صنعنا، وأموالنا نحسبها قبل أن ندعمهم بها،والدعاء قد نتذكرهم به وقد لا نتذكر، هذا هو الخذلان الحقيقي أن تنتظر قهرك وموت روحك لأنك تعرف أن لا أحد من إخوتك وعائلتك ووطنك سيفديك ويقدم لك السند والعون، وستستمر الحياة وكأنك لست هنا ولم تكن في حياتهم يوما، هنا تصبح الحياة والموت سيان ولكن مرارة الصبر ستجعلك تحتمل وجعك لأن إيمانك بالله هو الشيء الوحيد القادر على جعلك تتحمل وتتجاوز، أعوذ بالله من الفقد والخذلان.
التعليقات