هل سنة من الخبرة في مجال ما كافية للبدأ في تقديم دورات تعليمية فيه ؟

هل مدة خبرتهم القصيرة كافية لتقديم دورات ممتازة أم أن الأمر ربحي بالدرجة الأولى

هُناك فرق طبعاً بين أن أدرس سنة لأعلّم وبين أن أدرس سنة لأتعلّم، بالطبع مدّة سنة في أي مجال قادرة على أن تعطيك فرصة عمل، بكل تأكيد أنّ تغطية اختصاص معيّن لمدّة سنة كاملة بتفرّغ هو أمر جبار علينا أن لا نستهان به نهائياً، هذا يضمن برأيي فرص عمل، ولكن السؤال هل يضمن بالمقابل أن يقدّموا دورات في هذا المجال؟

في إجابة مبدئية للسؤال أقول لا بكل تأكيد، هذا الوقت لا ينجح نهائياً في أن ينقلنا إلى مرحلة خبراء في التدرّج المنطقي لفهم أي شيء، ففي طريقنا للتدرّج نمرّ بمرحلة كشط الموضوع، ثمّ فهم أساسياته، ثمّ الإحاطة به وبعد ذلك تفصيله، بعد كل ذلك تأتي الخبرة ومنها يأتي الخبير، هذه مرحلة لا يمكن قطعها بسنة.

ولكن بإجابة أكثر عمقاً للمسألة أقول لحضرتك بأنّ الزمان الذي نحن فيه الأن زمان مختلف عن السابق، من قال أصلاً بأنّ هذا الزمن هو مكان للخبراء فقط؟ هذا الوقت يفسح حتى لأصحاب التجارب العادية إمكانية نقل هذه التجارب للغير، ومعظم هؤلاء الناس ينقلونها بمقابل مادي، الأن ننتقل إلى الشق الثاني من سؤال حضرتك الذي قلت به: أم أن الأمر ربحي بالدرجة الأولى؟

إجابتي بالطبع هو ربحي! من حقهم أن يربحوا، من حقهم أن يبيعوا ما يشاؤون وأن يكون الربح هو الأمر الذي يلاحقونه بالدرجة الأولى، من هو الذي لا يلاحق الأرباح المادية؟ كيف سنعيش وكيف ستكون حياتنا لو لم يكن هذا أولوية لنا؟ كل مجهود برأيي يجب أن يكون مأجوراً حتى لمن لديهم قليل الخبرة والتجربة، هذا حقهم ولقاء جهدهم، من يعترض على محتوى أي أستاذ أو شخص عليه أن لا يشتري، بهذه الطريقة نحل هذه المسائل، أي بمبدأ العرض والطلب.

الأمر يتعلق بالمجال نفسه ومتطلباته، ولا يمكن تعميم القاعدة على جميع المجالات.

فمثلاً:

مجال مثل مجال "فني الصيانة" وأقول "فني" وليس "مهندس"، فالفني هو من يقوم بالأعمال البسيطة كالفك والتركيب واللحامات واستبدال قطع الغيار، إن التدريب كفني لا يحتاج سوى شهرين أو ثلاثة على الأكثر لبدء العمل به كمهنة ومصدر للدخل، ومع بعض المجهود والذكاء قد لا يحتاج سوى لأسبوعين أو ثلاثة، والكلام واقعي من تجارب عملية وليس كلاماً إنشائياً، (هناك دورات لصيانة المحمول وهي من أصعب أنواع الدورات، يتدرب فيها المتدرب لمدة أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع بشكل مكثف ويخرج منها مباشرة ليقوم بأعمال الصيانة وبشكل جيد).

وبعد العمل كفني لمدة سنتين أو ثلاثة يستطيع إعطاء الدورات التدريبية وتدريب فنيين آخرين على المهنة بكل فعالية، ويكون فعلاً على مستوى لائق ومقبول لتدريب الفنيين، فعمل يحتاج لتدريب ثلاثة أسابيع لكي يتم البدء فيه كمهنة، لا يتطلب أكثر من 3 سنوات للبدء فيه كتدريب ودورات.

أما مجالات كالإدارة مثلاً أو التطوير التقني أو الهندسة أو البرمجة فتحتاج لفترة طويلة للبداية فيها كوظيفة أصلاً، هناك من يدرسون لأربعة سنوات في الجامعة حتى يحصلون على فرصة للعمل كمساعد إداري قبل الترقي لمدير، وبالتالي فإن فترة لا تقل عن 15 عاماً يمكن أن تعد مقبولة في الإدارة للبدء في تدريبها وإعطاء الدورات فيها.

فالموضوع نسبي بالطبع ويختلف من مجال لآخر.

بحسب ما قرأت:

الخبرة العملية: هي ما يعبر عن مدى و مقدار معرفة الموظف بالقواعد والأسس المعتادة لذات القطاع تقاس بعدد سنوات ممارسته لهذه المعرفة وهي سنوات العمل الفعلية سواء كانت مدة متصلة أو منفصلة. وغالباً ما تصنف كالآتي:

1- خريج , وهو من لا يملك اي خبرة عملية.

2- مبتدئ, وهو من يملك خبرة تصل إلى خمس سنوات.

3- متوسط, وهو من يملك خبرة ما بين الخمس سنوات وحتى العشر سنوات.

4- متقدم (مدراء) وهو من يملك خبرة اكثر من عشر سنوات.

لا يبدو أن الخبرة تقاس بالمدة كانت قصيرة أم عن سنوات، بل أن تكون كافية وعن معرفة

لدي صديقة على الإنستجرام قامت بإطلاق حساب لتقديم دورات عن العمل الحر، على الرغم من أن خبرتها في هذا المجال كانت لا تتجاوز سنتين، إلا أنها تمكنت من بناء متابعة جيدة على حسابها على الإنستجرام من خلال نشر محتوى جيد وتوجيه الأسئلة التي يطرحها الناس إليها، هكذا هي الخبرة حددت الفئة المستهدفة، وما وسيلة التواصل الاجتماعي المناسبة للوصول للجمهور المستهدف، وما الأسلوب الأنسب وليس الأفضل لاستخدامها

بعد فترة، قررت صديقتي بتقديم دورات مدفوعة في المجال وكانت تعلن عنها عبر حسابها على الإنستجرام. فشاركتُ في إحدى هذه الدورات وكانت تجربة جيدة، فقدمت صديقتي المعلومات بشكل مرتب وواضح وكانت متفاعلة مع الأسئلة التي طرحها المشاركون.

على الرغم من أن لم تكن لديها خبرة طويلة في هذا المجال، إلا أنها نجحت في تقديم الدورة وفي النهاية كانت التجربة إيجابية ومفيدة بالنسبة لي.

على حسب المجال الذي يتم تدريسه وطبيعة المحتوى الذي يتم تقديمه ومستوى الخبرة الذي يمتلكه المعلم في هذا المجال وثانيا يجب عليك أن تتأكد من مصداقية المعلومات والخبرات التي يدعي المعلم أنه يملكها فقد يكون الشخص قادرًا على تقديم دروس ممتازة وذات جودة عالية حتى لو كانت خبرته قصيرة.

أعتقد أن هذا الموضوع يعتمد بشكل كبير على الشخص المعني ومدى خبرته ومعرفته بالموضوع الذي يقدمه دورات فيه. عادةً ما يكون لدى الأشخاص الذين يعرضون دورات تعليمية على الإنترنت مهارات ومعرفة كافية في الموضوع الذي يقدمونه.

بشكل عام، يجب على الشخص الذي يفكر في شراء دورات تعليمية أن يدرس سجل الشخص الذي يقدمها ويراجع محتواها ويحرص على أن يكون المدرب مؤهلاً ويملك الخبرة الكافية في هذا المجال، بغض النظر عن مدة خبرته.

تقديم دورات تعليمية يحتاج إلى توافر العديد من العناصر:

• الخبرة في المجال الذي من المفترض إعطاء دورا فيه: فالخبرة من أهم العناصر التي تثري معرفة المدرب وتؤهله لنقل معرفته للآخرين
• المهارات الشخصية: فالمهارات الشخصية لها دور كبير في تحديد قابلية المدرب لاكتساب المواد التعليمية التي ينوي التدريب فيها. فكلما امتلك المرونة وقابلية كبيرة للتعلم كان ممكنا أن يكتسب قدر أكبر من المعلومات خلال فترات قياسية وهو ما يعطية الأهلية للتدريب.
• المعرفة في المجال المنوي التدريب فيه: فهناك الكثير من الأشخاص الذين يمتلكون خبرة متواضعة في المجال إلا أنهم يعملون بشكل متواصل على تطوير معرفتهم من خلال القراءة والدورات وغيرها من الأمور وهو ما يكون قاعدة صلبة لديهم

بالنسبة لي لن أثق في شخص لديه هذه الخبرة القليلة في مجاله... بالكاد وجد وقتًا ليفهم التخصص كيف سيعطي غيره معلومات دقيقة ؟ هل حقًا أحاط بكل الثغرات في مجاله..أعتقد أنه سيضع نفسه في مكان مسؤولية ليس على قدرها ولكن لا يمكن الجزم بشكل قاطع على أن سنة من الخبرة في مجال ما كافية للبدأ في تقديم دورات تعليمية فيه، لأن هذا يعتمد على العديد من العوامل المختلفة، مثل طبيعة المجال الذي ترغب في تدريسه، ومستوى الخبرة الذي تمتلكه فيه، والجمهور المستهدف للدورة التعليمية، ومستوى متطلباتهم ومهاراتهم.

ومع ذلك، يمكن القول عمومًا أن الخبرة العملية في مجال ما تعتبر من المؤهلات المهمة والضرورية لتقديم دورات تعليمية في هذا المجال. ومن الأفضل أن تتأكد من امتلاكك للمهارات والمعرفة اللازمة لتحضير وتقديم الدورة التعليمية بشكل فعال، وكذلك اختيار المحتوى المناسب والأساليب التعليمية الفعالة لتحقيق الأهداف المرجوة. كما يمكن الاستفادة من خبراء التعليم والمتخصصين في تصميم الدورات التعليمية للحصول على النصائح والإرشادات اللازمة.

سنة غير كافية في معظم المجالات

يمكن التمييز بين 3 أنواع ممن ينشرون كتبا أو دورات مماثلة:

• النوع الأول: يعتمد على خبراته ومعارفه، وعادة ما تجد ما ينتجه غنيا بالأمثلة الحقيقية والمعرفة العملية، ويتفرد بمعلومات قد لا تجدها في مكان آخر.
• النوع الثاني: يجمع المعلومات من مصادر مختلفة وينظمها وفق منهجية محددة ثم يقدمها للمستهلك، وعادة ما يغلب على منتجه المعرفة النظرية ويكاد أن يخلو من أمثلة واقعية. كما أنك ستجد ما يقدمه متوفرا لدى غيره.
• النوع الثالث: يحشو منتجه بأي شيء وكل شيء، ولن تجد فيه ما يفيد أو يتفرد به.

الأول يحتاج إلى الخبرة ضرورة، والثاني يحتاج إلى القدرة على البحث والتنظيم وتمييز الصحيح من الخطأ، ولا يشترط مراكمة سنوات من الخبرة، أما الثالث فلا أحتاج إلى أن أفصل في حاله.

ورغم ما سبق، فمراكمة الخبرات لا يعني أنك ستقدم محتوى تعليميا جيدا، ومن تجربتي الشخصية، درست المحاسبة لدى أساتذة أفنى الواحد منهم أكثر من عقدين في العمل بها في شركات مختلفة، وربما مثلها في التدريس ولكنهم سيؤون في إيصال المعلومة. وعكسهم درست لدى آخرين حديثي التخرج أو أقل منهم في الخبرة، ولكنهم جيدون في تنظيم معارفهم وإيصالها للطالب. والثابت هنا ألا تأخذ من النوع الثالث، وأن تأخذ ممن أثبت قدرته على الجمع بين الخبرة والقدرة على إيصال الفائدة وتقديم قيمة إضافية.