الليلة التاسعة على التوالي، يؤرقني الليل، يشعل النار في جسدي، يجلس على حافة الدنيا يحدق بي ضاحكًا ساخرًا.. وربما غير مبالٍ..

يستمر طويلاً أبديًّا، ولا يعطي اهتمامًا لتوسلي وتضرُّعي إليه..

أطارد النوم في خيالي، أعدُّ النجوم، أعدُّ الخراف، أعدُّ أحزاني..

أشعر أن جمرًا يتوهَّج في عيوني، أحسُّ جبالًا قابعة على صدري، لا أستطيعُ زعزعتها مهما اجتهدت..

لا أستطيعُ لوم الليل فهو حالكٌ كعادته.. قاسٍ كئيب.. أسود كوشاح يغطي الدنيا بما فيها، ويهيئ الناس لنومٍ مريح..

لا أستطيعُ لوم القمر الذي يمد أشعته الفضولية، يمسح على وجهي، ينتظر أن تنهره بضع غيوم عابرة فينسحب..

ليرجع كعادته متسللًا من نافذتي ونوافذ الجميع.. ينسكب على جدراني وأرضيتي فضةً وماء..

لا أستطيعُ لوم الصمت الذي أطبق على قلبي وحياتي، فلم أعُد أتذكر الطريقة الناجعة لكسره، ولا كيف كانت الأصوات تصدر وتعلو لتعبق في الجو وتسمو قبل أن تتلاشى كالدخان..

لا ألوم إلا نفسي..

أنا الذي ألقيتُ بي في هذا الجحيم، لا ألوم إلا عقلي..

تلك الآلة اللعينة طاحونة الأفكار والاحتمالات، تغزل وتنسج وتمزق، تطحن وتعجن وتتلف، تقرِّب تبعِّد ترمي..

وأنا كالممسوس، أدورُ معها، أجنُّ من ضجيجها، لا أقوى على إيقافها ولا أقوى على تجاهلها، ولا أقوى على النوم..

لا ألوم إلا قلبي..

ذلك الوغد الذي ما استطاع أن يقاوم الوقوع في حبك، يا امرأة ليست من هذه الدنيا وليست من هذا الزمان..

هل أنت حقيقية أم أن خيالي الليلي ابتدعك ليؤرقني؟

هل أنت موجودة حقًا أم أن روحي تعبت من مناجاة المجهول فأتت بك لتؤنسي وحدتها الأزلية؟

هل أنت حبيبتي أم أن الذنب الذي أحمله منذ الطفولة، أوجدك لتكوني عقابي وسجني وإعدامي؟

هل أنت الليل أم القمر أم الصمت؟

هل أنت أنا؟

ومن أنا؟

من أنا؟