لديّ قناعة يصعب عليّ تبديلها لكثرة ما أرى من بنود تُعظّم تشبّثي فيها وهي أنّ البطالة لا يمكن أن تمسّ كاتباً، وفي هذا قد يخالفني الكثير ويقول لي الأكثر: وهذه الجموع من الكُتّاب كُلّها التي تُعاني من البطالة؟ هل تتجاهلها؟. 

أقول: نعم أتجاهل الجميع، فما يعنيني من الأمر كلّه هو المُعطيات والموارد، فإن كانت هُناك شجرة ورجل يرفض أن يصنع منها كرسي ليجلس، هل أحزن عليه حين يتعب؟ بالطبع لا، إذا كانت الموارد موجودة فأنا لا ألوم إلّا من يُقصّر في اغتنام هذه الأمور، يسأل أحدهم: لماذا تقسوا على الكُتّاب؟ وكيف تُبرر فشل هؤلاء؟ أليست البيئة هي التي لا تحتاجهم؟ 

وإجاباتي على هذا النوع من الأسئلة دائماً بسيطة للغاية، أبدأ من مقدمة أستخدمها فوراً في هكذا مواضيع: الكسل، أهم بنود الخطايا السبعة التي نعرفها وعلى أنّها من الخطايا السبع وعلى أنّ هذا الموضوع تُنذر منه كُل شركات وأكاديميات ومُصلحي العالم ومع كل ذلك ترى معظم الناس في كسل مقيت، مقيت إلى درجة غريبة.

أستطيع أن أعذُر مثلاً عامل يُتقن حرفة ما ويقول عندي بطالة بسبب إغلاق المعمل، لكن ما حجّة الكُتّاب؟ هل أغلقوا مكتبات الورق؟ هل ضيّقوا الأسواق؟ على العكس لقد فتحوا الأمور على العالمية، صار العالم كلّه سوق أي كاتب، يمكنك أن تكتب وترمي في السوق وهنا أتحدّث عن كل المجالات والأنواع المُمكنة من الكتابة، الأدب وصناعة المُحتوى والسيناريو وسرديات الأفلام الوثائقية والمقالات، كُل شيء يُمكن أن يُصنع بالكتابة، ما الذي يُعجز الشباب فعلاً عن المحاولات المُتكررة؟ والطرق المُستمر على أبواب العمل عَلَت قيمته أو انخفضت؟ تعود الإجابة ذاتها: الكَسَل.

أو رُبما انعدام الموهبة وقلّتها، شيء فيّ يدفعني بعد مراقبة الكثير من أعمال الشباب بأن أقول ذلك، معظمهم يعتقد أنّ الكتابة سهلة، ينسون بأنّ سهولة أدواتها (قلم وورقة) لا يعني بالمرّة بأنّ عمليّتها ورحلتها سهلة، وأخيراً أقول: هل تتعاطف مع من يدّعون البطالة في مجال الكتابة؟ وهل تعرف أسباباً أخرى غير الكسل وانعدام الموهبة لفشل الكتّاب العرب تحديداً؟