في الآونةِ الاخيرةِ 

أخرستني الأيامُ عُنوةً 

وأمرتني بالسكوتِ والإصغاءِ لها 

وقفتُ هكذا

 مُمتعضةً بدونِ حتى هزَّة رأس

مُنصاعةً لأوامرِها

مُنقادةً وراء خطواتِها  

متتبعةً آثارها 

في حكمِها 

وأسرارِها

 وفجأة حتَّى يظهرَ أمامي وميضٌ سريعٌ

لم أستطع أن أتمعن بهِ جيدًا لكنه كان قريبًا منّي في آن 

وبعيدًا في آن آخر 

حقًّا كان سريعًا تبًا لو تمكنت من الإمساك بهِ

لعلَّي فهمتُ فحوى الرسالة!

____

مرَّة أخرى تطلبُ مني الحياة الصَّمت

و سدلِ أُذناي لهُتافٍ سيصلُني منها 

وقلتُ في نفسي : هذه المرة سأنتبهُ للحياة أكثر 

ولن أُضيْعَ اشاراتها القادمة 

فسمعتُ حروفًا مبعثرةً 

بالكادِ استطعتُ أن أرتّبَها في عقلِي

لقد كانت حروفًا مرصَّعةً بالقوةِ

بالرغمِ من تشويشِ الصوت 

لكن رنينَها في قلبي كان واضحًا وصادحًا

____

في المرّةِ الثَّالثةِ

سمحت لي الحياة بالكلام ِ

أفسحت لمعبرِ حُنجرتي أن يتنفسَ 

وكأنها تقول لي 

هيَّا !

ارتجلِي

و أرينِي ماذا ستصنعين !

بالواقعِ لقد اعتدتُ على الصمت ِ

صحيحًا بدا في بداية الامر صعبًا عليّ 

ولكنه صار يسيرًا وشبيهًا لي

فرفعتُ رأسي

ونظرتُ في جوفِ المصيبة فأخمدتُها بالصمتِ

و نظرتُ للخيانةِ فرصفتُها بعيدًا بالصمتِ

ونظرتُ للكذبِ فابتسمتُ وأدرت ظهري له بالصمتِ

ونظرتُ للماضي فتأسفتُ عليهِ بالصمتِ

ونظرتُ للنفسِ فسألتُ ربي هُداها 

وعزَّزتها بالصمتِ

ليست كل الاشياء تستحق الكتابة

ولا التأويل ولا التعويل 

و لا التدقيق ولا التصديق

اتركْ الأشياء تثور من حولك

وانسحبْ منها بهدوءٍ 

واتركْ هذا الغليان يهدأ ليركدَ في قاعِك الدرس

فتستخلصُه بليونةٍ وامتنانْ.