في أعمالي السابقة أخطأت كثيرا وذلك في قيامي بأعمالي الخاصة دون تدخل من أحد، كنت أصرف الكثير من الوقت والجهد في سبيل أن يكون العمل متقنا، فتجدني أستغرق وقتا كاملا بطوله، ويكون المُخّرَج في النهاية لا يفي بالتطلعات دوما، وأعتقد بأني مهووس بالمثالية أو الكمال، والتي أحاول التخفيف من آثارها دوما ما استطعت لذلك سبيلا.
وربما لتطلعي الدائم، وصبري الطويل تجاه عمل أسعى من خلف للكمال المنشود سواء في الحياة بشكل عام أو عملي الخاص أفرّط في أخريات، مما يؤدي بي في نهاية المطاف نحو التوقف وربما الانسحاب الكلي من كل شئ.
ولكي لا أقسو على نفسي كثيرا ومع البدايات الصغيرة تشعر بإمكانية التحكم في جميع أمورك، وإن لزم الأمر لتعلم مهارة ما في ظني أن ذلك ما سيجعلني أكثر قوة وصلابة، فبينما أنا أقوم بجميع تلك الأمور وذلك باحثا عن المشكلة، وطريقة تعلمها، ومن ثم تعلمها نظريا، ولاحقا تطبيقها أجدني أتعطل كثيرا ومتوقفا في نهاية المطاف عن كل ما قد قمت به، ولو أني قمت بتفويض عديد المهام لمن هو أكثر موهبة ومهارة وتخصصا لما لزمني كل ذلك التأخير غير الواقعي وسعيا للفائدة التي سأتحصلها في نهاية المطاف وذلك لنمو المشاريع يوما بعد الآخر.
مالذي ستجينه عند قيامك بالتفويض؟
وفقا لمجلة فوربس للأعمال والتي كانت تتحدث في مقالة خصوصا عن تلك المشاريع المتوسطة والناشئة، فإن تفويضك لإحدى المهام الموكلة إليك كإداري لأحد من تثق به فسوف يعود عليك بما نسبته ٢٠٪ من العوائد والإنتاجية المربحة، وبالتالي تركيزك ونشاطك اللامحدود في مهامك الأساسية المنوطة بك، لتكون المحصلة النهائية ٤ أضعاف الايرادات المتوقعة.
خلال السنة الماضية وجدت ضالتي التي إهتديت لها في تفويض الأعمال بتوكيلها لذوي المهارة والخبرة وذلك من أصحاب المهن الحرة، أو كما يطلق عليهم (Freelancer’s) وذلك في عديد المواقع التي تقدم خدمات خاصة لمن يرغب في إيجاد مشكلة تواجهه ومن ذلك موقع Fiverr، وخمسات، ومستقل، ومنصات الانستقرام، وحراج، وقنوات التيليقرام، مما رغبني كثيرا للقراءة بشكل أعمق حول المهن الحرة ومستقبلها.
ما هو العمل الحر (Freelance)؟
يعني ممارسة مهنة ما دون الالتزام بصاحب عمل واحد، لتكون تلك المهمة أكثر مرونة، وحرية لصاحب العمل.
DemandSage
يقدر حجم السوق في العمل الحر في دولة مثل أمريكا ب 105 مليون ترليون دولار، في العام ٢٠٢٢ م عدد من يمتهنون العمل الحر في أمريكا نحو 70.4 مليون نسمة ويتوقع أن يصل الرقم لنحو 90 مليون نسمة في العام ٢٠٢٨ م.(١)
متوسط العائد السنوي لأصحاب العمل الحر يصل لـ 75.000 $ دولار سنويا، يجني اليوم في أمريكا 65% من أصحاب العمل الحر أكثر من قرنائهم الذين يقومون بعملهم الطبيعي من الساعة السابعة صباحا حتى الخامسة عصرا.(١)
تأثير الجائحة COVID-19 زاد أعداد أصحاب العمل الحر في أمريكا لما يقارب من 8.2 مليون نسمة، وهو ما دفع بسيل الاستقالات التي توالت على الشركات بسبب الجائحة لما يصل نسبته 28% من الموظفين الطبيعيين.(١)
ويبدو أننا مقبلين على تغير كبير وهيكلي لطبيعة الأعمال بشكل عام خصوصا بأن الأجيال Z والمولودين ما بين الأعوام ١٩٩٧-٢٠١٢ م يشكلون ما نسبته 50% من أصحاب العمل الحر، يليهم جيل الميلنيوز Millenniums المولد ما بين الأعوام ١٩٨١-١٩٩٦ م وهم من يشكلون نسبته 44% من أصحاب العمل الحر.(١)
ما هي أكثر المهن/التخصصات طلبا في سوق العمل الحر؟
أكثر ٣٠ مهارة مطلوبة في سوق العمل الحر مع متوسط عوائدها السنوية.
يمكنك اليوم من خلال ممارسة عملك الروتيني الطبيعي ممارسة العمل الحر في المهارة التي تحبها وتريد أن تجني من خلفها مالا وذلك عبر عديد المنصات ممن تقدم خدمات العمل الحر مع ضمان العائد المادي بينك وما بين صاحب العمل الذي يريد مهارتك على وجه الخصوص.
في دراسة أجريت على من يقوم بالعمل الحر وهو ممارسا لعمله الطبيعي وجدوا بأنه يجني ما متوسطه 19$ للساعة أما عن رضاه المنوط بعمله المقدم هو 3.8/5 بينما من جعل كل وقته في ميادين العمل الحر فإنه يجني ما متوسطه 22$ للساعة برضى وظيفي عن عمله المقدم 4.1/5.(٢)
ماذا عن العالم العربي ومستقبل العمل الحر؟
للأسف لم أجد أرقاما دقيقة تعكس حجم سوق العمل الحر في الوطن العربي، ولكني على يقين بتوسعها وانتشارها وبداية تفهم الناس لكيفية التعاطي معها بطريقة تؤدي إلى نجاح المشاريع بمشاركة أصحاب الخبرات، والمهارات والذين يختصرون عليك الكثير من الطرق، ويبدو أن توجهات بعض الدول مثل المملكة العربية السعودية هي حثيثة في هذا الجانب نظرا لأهميتها وذلك في إنشاء منصة مهمة مثل منصة العمل الحر والمربوطة بشكل مباشرة مع منصة أبشر الحكومية.
العالم الوظيفي يدعونا جميعا إلى الوعي بأهمية المستقبل في ظل الوظائف الحالية والتي مصيرها الاختفاء في ظل تواجد الآلة الذكي والمتوسع، سبق أن كتبت مقالة تطرقت لمفهوم العمل المستقبلي (universal basic income) تحت عنوان (ماذا لو كان راتبك بلا عمل؟ مستقبل العالم الوظيفي الجديد كليا) ومقالة أخرى لا تقل عنها أهمية تحت عنوان (لماذا كل شخص منا عليه تعلم علم البيانات لكي يحظى بوظيفة مضمونة مستقبلا).
تجاربي مع أصحاب المهن الحرة!
شخصيا انتقلت من مدونة (بلوقر) والتي كتبت فيها منذ العام ٢٠١٨ م نحو موقعي الخاص في (وورد بريس) في البداية لم أفهم بشكل جيد طريقة تصميم الموقع الجديد، ولا كيفية نقل معلوماتي مدونتي من بلوقر نحو وورد بريس، مستسلما في نهاية المطاف واضعا من صفحتي التي في وورد بريس كصفحة شخصية (Portfolio) توضح عناوين صفحاتي في جميع وسائل التواصل الاجتماعي، لأهتدي لاحقا نحو عبدالهادي الذي يعرض خدماته في موقع (خمسات) والذي ساعدني مشكورا في تنظيم صفحتي بشكل أنيق ناقلا جميع بياناتي من صفحة بلوقر نحو وورد بريس الجديد.
وفي عمل آخر من خلال بودكاست (خواطر مفكرة) كنت عزمت بعد الحجر الذي عانينا منه جميعا عام 2020 م في إقتحام عالم الصوتيات، ناقلا بذلك مواضيع مدونتي من صيغتها المقروءة نحو الصيغة المسموعة، وحتى هذه اللحظة كنت قد اطلقت تسعة مواضيع مختلفة ساعدني في تنظيمها، وتشكيلها لغويا الدكتورة فوزية العتيبي والتي ساعدتني جدا في إلقاء المواضيع صوتيا دون وجود أخطاء كثيرة، عثرت على الدكتورة فوزية عن طريق موقع حراج، وهي التي تملك صفحة على تويتر للتقويم اللغوي وتصحيحه بإسم (الرَّصف).
مؤخرا وبعد إطلاقي لثمان حلقات مختلفة في البودكاست الصوتي كنت قد عانيت اختلافا واضحا في الصوت، مستعينا بتعليمي البسيط للتعامل مع برنامج Audacity للصوتيات، فمرة تجد الحلقة بجودة متوسطة، وأخرى جيدة، وثالثة لا بأس فيها، في الحلقة التاسعة بعنوان (أنا انطوائي!) توقفت عن العبث، واستعنت بمهارة خبير آخر في مجال الصوتيات وهو الاستاذ وليد النجار وذلك عن طريق موقع خمسات أيضا، وهو الذي لم يتوان في خدمتي على أكمل وجه وبأسرع طريقة ممكنة.
أتمنى استدامة أصحاب المهن الحرة، وانتشار أفكارها وممارساتها في العالم العربي قاطبة، وهولاء الذين تشرفت بمعرفتهم هم غيض من فيض، فالكثير من المواهب ينتظرونك كي تحيل لهم أعمالك العالقة وأنت مطمئن، ولتزيد من انتاجيتك وتركيزك على ما يهمك حقا وما تعرفه حق المعرفة فكما يقول المثل (اعط الخبز خبازه ولو أكل نصفه!).
المصادر:
1-
www.demandsage.com2-
www.payoneer.com
إليك أيضا:
التعليقات